فإن أريد البيع الانشائي والحلية التكليفية فحيث إنه لا موهم لحرمته شرعا فلا بد من إرادة الحلية بالإضافة إلى التصرفات المترتبة على البيع، وإباحة التصرفات بما هي وإن لم تستلزم الملكية من أول الأمر إلا أن إباحة التصرفات المترتبة على المعاملة بما هي كذلك تدل بالالتزام على سببية المعاملة للملكية، لرجوعها إلى إباحة الأكل بهذا السبب.
وإن أريد البيع الانشائي والحلية المساوقة للنفوذ فالأمر أوضح، فالآية على الثاني تدل على صحة البيع بالمطابقة، وعلى الأول بالالتزام، وحيث إن البيع المحكوم بالحلية مطلق غير مقيد بانقضاء الخيار فلا محالة تدل على ثبوت الملك من حين انعقاد البيع الانشائي.
وإن أريد من البيع ما هو بيع بالحمل الشائع فلا معنى لنسبة الحلية المساوقة للنفوذ إليه، إذ هو من شؤون السبب دون المسبب، كما لا فائدة في إباحة التمليك الحقيقي في قبال الحرمة المولوية، فإن فرضه فرض حصول الملك بسببه، فلا تدل على نفوذ العقد بما هو، فإن التمليك الحقيقي لا بد من انحفاظه في مرتبة اطلاقه، وانحفاظه بعد فرض حصول سببه التام، فلا يعقل أن يكون له اطلاق كلامي بالنسبة إلى خصوصيات سببه.
نعم ربما يتصور اطلاق مقامي كما نبهنا عليه في محله (1)، فإن معنى (أحل الله البيع) هو أنه أقره مقره ولم يجعله كالعدم، ومرجعه إلى اعتبار الملكية بالمعاملة البيعية شرعا كما هو كذلك عرفا، وحيث إنه لم يبين ولم يعين له محققا خاصا فكل محقق له عرفا فهو محقق له شرعا، لا باطلاق الكلام، بل باطلاق المقام، وبقية الكلام في محله.
وأما آية التجارة فهي أوضح دلالة على المقصود، لأن ظاهرها حلية الأكل المكنى به عن مطلق التصرف في المستثنى وحرمته في المستثنى منه، والمراد من التجارة هي التجارة المعاملية فإنها القابلة للاشتراط بالتراضي دون المسبب الذي لا