وبعد حتى يقال إن الملك حصل بعده، ولذا قال (قدس سره) (إن الجزء الذي لا يتجزئ غير موجود) حتى يقال لا بعد له، حتى يقع الملك بعده، مع أنه لو كان موجودا وكان سببا فلا بد من مقارنته للملك، ومقارنة الملك غير مجدية، لفرض لزوم تقدم الملك، فإن فرض عدم التجزئة فرض عدم القبل والبعد، لا فرض عدم المقارنة، إلا أن لزوم سبق الملك حينئذ لزوم أمر محال في فرض سببيته الجزء الذي لا يتجزئ، فإما لا يعقل السببية، وإما لا يعقل اشتراطه بسبق الملك عليه.
ومما ذكرنا في توضيح كلامه يندفع ما ذكره بعض أجلة المحشين (قدس سره) (1) في رد كلامه من أن الجزء بمقتضى السببية مقدم على الملكية، فتدبر جيدا.
ومنها: ما ذكره (رحمه الله) من لزوم سبق الملكية على جميع أجزاء العقد قضاء لحق الظرفية، فإنك قد عرفت أن الظرفية لا تستلزم أزيد من المقارنة، بل البرهان يقضي بأن الظرفية الحقيقية لا تكون إلا مع المقارنة، وحينئذ فإن قصد الفسخ بأول جزء من الصيغة فقد وقعت تمام الصيغة بجميع أجزائها مقارنا للملك.
وتوهم: أن فرض استحالة الجزء الذي لا يتجزئ فرض انقسام كل جزء ولا ينتهي إلى جزء غير منقسم ليتعين للأولية حتى يقع تمام الأجزاء في الملك.
مدفوع: بأن المفروض استحالة تناهي الأجزاء الفرضية والقسمة العقلية الوهمية، لا بحسب القسمة الخارجية، فإن ما في الخارج متناه لا غير متناه، فإذا قصد الفسخ بمثل تلك القسمة تكون مقارنة للملك ويكون كل أجزائها الوهمية مقارنة له بتبع منشأ انتزاعها.
ومنها: ما ذكره جوابا عما استدل به بعضهم لصحة التصرف المقصود به الفسخ بادراجه تحت عنوان " من باع ثم ملك "، ومرجع جوابه (قدس سره) إلى أن المفروض صحة التصرف هنا كسائر تصرفاته لا فضوليا، وإلا لتوقف على الإجازة، والفرض صحته بلا إجازة، مع أن القائل بصحة التصرف هنا لا يفرق بين العقد والايقاع، مع أنه لا فضولي في الايقاعات على المعروف، بل ادعي عليه الاجماع.