ثالثها: لزوم الدور، لتوقف الفسخ على التصرف المتوقف على الفسخ.
والجواب: يتوقف على زيادة بسط في الكلام فنقول: التصرفات المقصود بها إما تصرفات معاملية كالعقود والايقاعات، وإما تصرفات غير معاملية كالوطئ والأكل والشرب ونحوها مما لا تتصف في نفسها إلا بالحرمة والجواز تكليفا، فهنا موردان للكلام.
أما المورد الأول: فالتصرف المعاملي الذي يقصد به الفسخ إما هو البيع بالحمل الشائع مثلا، وهو التمليك الحقيقي، أو البيع بالحمل الأولي أي التمليك الانشائي العقدي.
والأول: لا يعقل حصوله إلا ممن كان مالكا بملكية متصلة بزمان تمليك الغير دون الملكية المقارنة، لاستحالة ملكيتين شخصيتين استقلالا لشخصين في زمان واحد بالنسبة إلى عين واحدة، ففي جميع المعاوضات الحقيقية يعتبر تلك الملكية المتصلة لذلك، كما أنه في موارد الايقاعات كالعتق يلزم اجتماع الملكية وزوالها في زمان واحد، وفي مثل هذا التصرف ليس محذور الدور، لأن مقتضى سببية التصرف لحصول الفسخ حصول الملكية المقارنة للتمليك، لا حصول الملكية السابقة المتصلة بزمان التمليك، فالفسخ وإن كان يتوقف على التصرف لكن التصرف لا يتوقف على هذه الملكية الحاصلة بالفسخ، ليلزم توقف التصرف على مثل هذا الفسخ، بل محذوره أمران:
أحدهما: اجتماع ملكيتين على عين واحدة للمشتري بالتصرف، وللبائع بالفسخ، وهو محال من غير جهة الدور.
ثانيهما: ايجاد المعلول بغير علته التامة، لأن المفروض التسبب إلى الفسخ بالبيع بالحمل الشائع، والبيع بالحمل الشائع لا يتحقق إلا مع الملكية المتصلة بزمان حصوله، والمفروض عدم حصوله بالفسخ.
نعم إن جعل التصرف سببا متأخرا لحصول الفسخ اندفع المحذوران وتحقق الدور، لأن المفروض توقف الفسخ على البيع توقف المسبب على سببه المتأخر،