بنى العرف والعقلاء على كاشفية الإشارة باليد إلى القيام عن ثبوته أو عن البعث نحوه، وكذلك سائر الدوال الفعلية.
وأما اختصاص دلالته وكشفه بغير صورة الانشاء كما عن ظاهر عبارة المصنف (قدس سره)، حيث قال (لأن الفعل لا انشاء فيه... الخ) فمما لا برهان عليه، إذ الانشاء خفيف المؤونة، وليس في باب اللفظ إلا قصد ثبوت المعنى به، بحيث يكون الموجود بالذات وهو اللفظ وجودا جعليا عرضيا للمعنى، وثبوت المعنى بالعرض بثبوت الفعل جعلا وبناء في غاية المعقولية، بل كما حقق في محله أن التفهيم والتفهم الطبعي إنما هو بالأفعال، والوضع توسعة في ابراز المقاصد اخبارا وانشاء، لا أن الانشائية شأن اللفظ بحيث لولاه لم يكن للعقلاء انشاء، وظني أن نفي الانشائية عن الفعل منه (قدس سره) من طغيان القلم، وإلا فهو معترف بأن المعاطاة تفيد التمليك ويقصد به حصول الملك، لا أنه يخبر به عن حصوله قبلا.
وأما المقام الثاني فتوضيح القول فيه: أن الفسخ هو الحل، وهو في الحقيقة مقابل للعقد وبديل له، لما مر مرارا أن العهد هو القرار، وارتباط أحد القرارين بالآخر عقد، وانحلال أحد القرارين عن الآخر انفساخ، فالفسخ لا يعرض العقد، بل يعرض القرار المعاملي، كيف؟ والمعروض لا بد من انحفاظه حال عروض عارضه عليه، ويستحيل انحفاظ العقد مع الفسخ، فهو كاشف عن كونه بديلا له ومقابلا له، كالوجود والعدم بالإضافة إلى الماهية، فإن الاعدام وإن لم يتعقل إلا مع كون الشئ موجودا إلا أنه لا يعرض الموجود بما هو، بل يعرض ما هو معروض الوجود.
ومن الواضح أن العقد والشد اعتباران تسبيبيان، لا يحصل هذا الأمر الاعتباري بمجرد القصد والإرادة، وإلا لم يكن تسبيبيا، بل كسائر الحركات المباشرية، والحل الذي هو بديله كذلك لا يحصل إلا بالتسبب إليه بقول أو فعل، إذ ليس للعقد غاية ليزول بحصول غايته كما سيجئ إن شاء الله تعالى في سقوط الخيار، ولا له أمد كامتداد الخيار في الحيوان إلى الثلاثة حتى ينحل قهرا ببلوغه إلى منتهى أمده، ولم يحصل بمجرد القصد حتى يكون بقاؤه ببقاء القصد، ولا كان تحققه بمجرد الرضا