توضيح المقام برسم أمور:
منها: أن خروج العين عن سلطنة المشروط عليه تارة يكون مساوقا لتعذر الشرط، كما إذا مات العبد المشروط عتقه، وأخرى لا يكون كذلك، كما إذا اشترط خياطة ثوبه وتلف المبيع مع تعذر الخياطة عليه، فالتعذر في الأول مانع عن ثبوت الخيار على القول بأن التلف مانع عن الخيار، فلا يعقل أن يكون مثل هذا التعذر مقتضيا للخيار، وفي الثاني يكون مقتضيا للخيار وتلف العين أو التصرف فيها رافع للخيار الثابت بثبوت علته، وكلا الأمرين مورد للبحث لوحدة الملاك نفيا واثباتا.
منها: أن الكلام تارة في ثبوت المقتضي في مقام الاثبات للخيار مع التلف، وأخرى في عدم المانع عقلا عنه.
أما الأول فنقول: الخيارات بحسب أدلتها متفاوتة ففي مثل خيار العيب لا مقتضي للخيار مع التلف، بل يتعين الأرش بمقتضى النص الوارد فيه، وفي مثل شرط الخيار برد مثل الثمن دل الدليل على الخيار مع تلف عين الثمن كما هو المتعارف في البيع بشرط الخيار، وفي مثل خيار المجلس يقتضي اطلاق دليله ثبوت الخيار حتى مع تلف أحد العوضين في المجلس، وفي مثل خيار الحيوان فتلف المبيع يوجب انفساخ العقد واستقرار خسارته على البائع، وتلف الثمن يقتضي بقاء خيار الحيوان على حاله بمقتضى نصوص ذلك الباب، وأما الخيارات الثابتة بقاعدة نفي الضرر كخيار الغبن وخيار تخلف الشرط فثبوتها مع التلف مما لا ريب فيه، لأن ضررية لزوم العقد لا يتفاوت حالها بتلف العين وعدمه.
وأما الثاني فمبني المانع عقلا وجودا وعدما - كما هو المعروف وقد مر مرارا - هو أن الخيار هل هو حق متعلق بالعين كحق الرد والاسترداد، فلا خيار مع التلف إذ لا مردود فلا رد، أو هو حق متعلق بالعقد بنفسه لا بأثره، والعقد بعد وجوده باق إلى أن ينحل بسبب شرعا أو عرفا، وقد فصلنا القول في ذلك في باب شرط الخيار برد مثل الثمن، وبينا أن الصحيح تعلقه بالعقد، وأنه لا مانع من انحلال العقد ورجوع العين