الآخر إلى آخر ما قال وتبعه على ذلك المصنف (قدس سره) حيث قال: (أما دعوى الخيانة فلو احتاجت إلى الاثبات... الخ) والفارق ما ذكرناه، وأما مجرد ظهور حال المسلم في عدم الخيانة فهو كظهور حاله في عدم الكذب، فإنه لا أثر له إلا عدم الحكم بفسقه لا وجوب تصديقه.
ومنه تعرف أن مدرك أصالة عدم الخيانة ليس ما أفاده المصنف (قدس سره) في طي كلامه من ظهور حال المسلم في عدم الخيانة، وهو الموجب لدعوى الاشتراك بين المسألتين في هذا الأصل، بل ما دل على عدم جواز اتهام الأمين وعدم تغريمه وتضمينه بتخوينه.
وربما يوجه باندراجه تحت قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به، نظرا إلى أن المشتري يملك الخيار برد العين فيملك الاقرار بحل العقد برد العين، فكما أن رده نافذ فكذا الاقرار به نافذ، ومقتضى تقديم قول البائع الحكم بعدم نفوذ رده.
إلا أنه - بعد الاغماض عن شمول تلك القاعدة لمورد البحث - يرد عليه أنه إنما يسلم إذا كان الفسخ منوطا برد العين، حتى يقال إنه يجب تصديقه في القيد وهو غير دخيل في سائر الخيارات المجتمعة مع تلف العين، وأما في خيار العيب فليس المراد حصول الحل بالفعل وهو رد العين خارجا حتى يختص فسخ العقد بخيار العيب بالفعلي دون القولي، بل المراد قصر حق حل العقد ورد الملك بصورة بقاء العين، وعليه فحل العقد غير منوط برد العين ليكون قيدا لما له السلطنة عليه حتى ينفذ اقراره فيه، فيكون حال العين بعد تحقق الفسخ كحال غيرها من حيث عدم اندراجها تحت القاعدة المزبورة.
الثاني: أن انكار البائع يقتضي سقوط الخيار المتفق عليه، والأصل بقاؤه فيقتضي تقديم قول المشتري لموافقته للأصل المزبور، ولا يخفى عليك أن غاية ما يقتضيه انكار البائع عدم حصول الفسخ برد السلعة المتنازع فيها، لا عدم الخيار واستحقاق الفسخ برد المبيع، ولعله لأجله فرض المصنف (قدس سره) تلف المبيع على فرض صدق البائع وأن الخيار خيار العيب، وإلا فلو اتفقا على بقاء المبيع وكان النزاع في تعيينه،