فأمر عمر قنفذ بن عمران (1) يضربها بسوطه، فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها وأثر في جسمها الشريف، وكان ذلك الضرب أقوى ضرر في إسقاط جنينها - وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سماه:
محسنا -.. وجعلوا يقودون أمير المؤمنين (عليه السلام) (2) حتى أوقفوه بين يدي أبي بكر.
فلحقته فاطمة (عليها السلام) إلى المسجد لتخلصه، فلم تتمكن من ذلك، فعدلت إلى قبر أبيها فأشارت إليه بحزنة ونحيب وهي تقول:
" نفسي على زفراتها محبوسة * يا ليتها خرجت مع الزفرات لا خير بعدك في الحياة وإنما * أبكي مخافة أن تطول حياتي " ثم قالت: " وا أسفاه عليك! يا أبتاه! واثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن، وأبو سبطيك الحسن والحسين ومن ربيته صغيرا، وواخيته كبيرا، وأجل أحبائك لديك، وأحب أصحابك عليك أولهم سبقا إلى الإسلام ومهاجرة إليك.. يا خير الأنام! فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير.. " ثم إنها أنت أنة وقالت: " وا محمداه! وا حبيباه! وا أباه! وا أبا القاسماه!
وا أحمداه! وا قلة ناصراه! وا غوثاه! وا طول كربتاه! وا حزناه! وا مصيبتاه!
واسوء صباحاه! " .. وخرت مغشية عليها، فضج الناس بالبكاء والنحيب، وصار المسجد مأتما.. ثم إنهم أوقفوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بين يدي أبي بكر وقالوا له: مد يدك فبايع! فقال: " والله لا أبايع.. والبيعة لي في رقابكم ".