وذهب الرسول فأخبره بما قال له، فقال: اذهب فقل له: أجب أمير المؤمنين أبا بكر..! فأتاه فأخبره بما قال.
فقال علي (عليه السلام): " سبحان الله! ما والله طال العهد فينسى، والله إنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي، ولقد أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو سابع سبعة -، فسلموا علي بإمرة المؤمنين، فاستفهم هو وصاحبه من بين السبعة، فقالا: أمر من الله ورسوله؟ فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم حقا من الله ورسوله، إنه أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وصاحب لواء الغر المحجلين، يقعده الله عز وجل يوم القيامة على الصراط، فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار.. " فانطلق الرسول فأخبره بما قال، فسكتوا عنه يومهم ذلك.
قال: فلما كان الليل حمل علي (عليه السلام) فاطمة (عليها السلام) على حمار، وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين (عليهما السلام)، فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أتاه في منزله، فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب منهم رجل غيرنا أربعة، فإنا حلقنا رؤوسنا وبذلنا له نصرتنا، وكان الزبير أشدنا بصيرة في نصرته.
فلما أن رأي على (عليه السلام) خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وتعظيمهم إياه، لزم بيته.
فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع؟ فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع، غيره وغير هؤلاء الأربعة، وكان أبو بكر أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما وأبعدهما غورا، والآخر أفظهما وأغلظهما وأجفاهما، فقال له أبو بكر:
من نرسل إليه؟ فقال عمر: نرسل إليه قنفذا، فهو رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعوانا وانطلق فاستأذن على علي (عليه السلام) فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر - وهما جالسان في المسجد والناس حولهما -، فقالوا: لم يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا