الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (39) وقوله تعالى (أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) (39) فلا دلالة في الآية السابقة على وراثة المال.
رابعا: حديث (إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم) الذي ذكرناه آنفا يتضمن نفي صريح لجواز وراثة أموال الأنبياء، وهذا كاف بحد ذاته. وكذلك الحال في قوله تعالى: وورث سليمان داود، (39) فإن سليمان عليه السلام لم يرث من داود عليه السلام المال، وإنما ورث النبوة والحكمة والعلم لأمرين اثنين: الأول: أن داود عليه السلام قد اشتهر أن له مائة زوجة وله ثلاثمائة سرية أي أمة، وله كثير من الأولاد فكيف لا يرثه إلا سليمان عليه السلام؟! فتخصيص سليمان عليه السلام حينئذ بالذكر وحده ليس بسديد.
الثاني: لو كان الأمر إرثا ماليا لما كان لذكره فائدة في كتاب الله تبارك وتعالى، إذ أنه من الطبيعي أن يرث الولد والده (والوراثة المالية ليست صفة مدح أصلا لا لداود ولا لسليمان صلى الله عليه وآله فإن اليهودي أو النصراني يرث ابنه ماله فأي اختصاص لسليمان عليه السلام في وراثة مال أبيه!! والآية سيقت في بيان المدح لسليمان عليه السلام وما خصه الله به من الفضل وإرث المال هو من الأمور العادية المشتركة بين الناس كالأكل والشرب ودفن الميت، ومثل هذا لا يقص عن الأنبياء، إذ لا فائدة فيه، وإنما يقص ما فيه عبرة وفائدة تستفاد وإلا فقول القائل (مات فلان وورث فلان ابنه ماله) مثل قوله عن الميت (ودفنوه) ومثل قوله (أكلوا وشربوا وناموا) ونحو ذلك مما لا يحسن أن يجعل من قصص القرآن) (93)