للقضاء بين متنازعين فكيف بدراسة أحداث تاريخية ودراسة تأصيلها الشرعي! لكن المنصف الذي لا ينقاد إلى عاطفته بل إلى الحق حيث كان، يقف وقفة تأمل لذاك الخلاف ليضع النقاط على الحروف.
فأرض فدك هذه لا تخلو من أمرين: إما أنها إرث من النبي صلى الله عليه وآله لفاطمة رضوان الله عليها، أو هي هبة وهبها رسول الله لها يوم خيبر. فأما كونها إرثا فبيان ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله جاءت فاطمة رضوان الله عليها لأبي بكر الصديق تطلب منه إرثها من النبي عليه الصلاة والسلام في فدك وسهم النبي صلى الله عليه وآله من خيبر وغيرهما. فقال أبو بكر الصديق: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (إنا لا نورث، ما تركناه صدقة) وفي رواية عند أحمد (إنا معاشر الأنبياء لا نورث) (39)، فوجدت (32) فاطمة على أبي بكر. بينما استدلت رضوان الله عليها بعموم قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين (39). ولنكن حياديين هاهنا ولننس أن المطالب بالإرث امرأة نحبها ونجلها لأنها بنت نبينا وأن لها من المكانة في نفوسنا وعند الله عز وجل ما لها، لنقول: كلام محمد عليه الصلاة والسلام فوق كلام كل أحد، فإذ صح حديث كهذا عن رسول الله فلا بد أن نقبله ونرفض ما سواه، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نلوم أبو بكر على التزامه بحديث رسول الله وتطبيقه إياه بحذافيره؟! لقد صح حديث (إنا معاشر الأنبياء لا نورث) عند الفريقين السنة والشيعة، فلماذا يستنكر على أبي بكر استشهاده بحديث صحيح ويتهم بالمقابل باختلاقه الحديث لكي يغصب فاطمة حقها في فدك؟!!