قال الناصب خفضه الله أقول: حقيقة هذا الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السنة الثامنة من الهجرة بعث أبا بكر الصديق أميرا للحاج وأمره أن يقرء أوايل سورة البراءة على المشركين في الموسم، وكان بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبايل العرب عهود فأمر أبا بكر بأن ينبذ إليهم عهدهم إلى مدة أربعة أشهر كما جاء في صدر سورة البراءة عند قوله تعالى: فسيحوا في الأرض أربعة أشهر وأمر أيضا أبا بكر: بأن ينادي في الناس أن لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج بعد العام مشرك، فلما خرج أبو بكر إلى الحج بدا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أمر تبليغ سورة البراءة، لأنها كانت مشتملة على نبذ العهود وإرجاعها إلى أربعة أشهر، وأن العرب كانوا لا يعتبرون نبذ العهد وعقده إلا من صاحب العهد، أو من أحد من قومه، وأبو بكر كان من بني تيم فخاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن لا يعتبر العرب نبذ العهد وعقده إلى أربعة أشهر من أبي بكر، لأنه لم يكن من بني هاشم، فبعث عليا عليه آلاف التحية والسلام لقراءة سورة البراءة ونبذ عهود المشركين وأبو بكر على أمره من أمارة الحج والنداء في الناس بأن لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج بعد العام مشرك، فلما وصل علي إلى أبي بكر قال له أبو بكر: أأمير؟
قال: لا، بل مبلغ لنبذ العهود، فذهبا جميعا إلى أمرهم، فلما حجوا أو رجعوا قال أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فداك أبي وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنزل في شئ؟
قال: لا، ولكن لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي، هذا حقيقة هذا الخبر، وليس فيه دلالة على نص ولا قدح في أبي بكر، وأما ما ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا، ولكن جبرئيل أتاني فهذا من ملحقاته وليس في أصل الحديث هذا الكلام (إنتهى).