الأحوال العزل بعود المستخلف بشرط أن يستخلفه في حال الغيبة فقط دون الحضور، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم استخلفه من غير شرط باتفاق روايات الفريقين على نفي الشرط، فإن قيل: النبي صلى الله عليه وآله وسلم استخلف معاذ بن جبل وابن أم مكتوم وغيرهما، ولم يوجب لهم ذلك إمامة، فكذا علي عليه السلام، فالجواب: أن الاجماع من الأمة حاصل على أن هؤلاء لاحظ لهم بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في إمامة، ولا فرض طاعة، وذلك دليل ظاهر على ثبوت عزلهم، فإن قيل: تخصيص هذا الاستخلاف بالمدينة فقط ولا يقتضي له الإمامة التي تعم قلنا: إذا ثبت له عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض الطاعة واستحقاق التصرف بالأمر في بعض الأمة، وجب أن يكون إماما على سائر الأمة، لأنه لا قائل من الأمة يذهب إلى اختصاص ما يجب له في هذه الحال، بل كل من أثبت هذه المنزلة أثبتها عامة على وجه الإمامة، فكان الجماع مانعا من هذا القول، فإذن يثبت منازل هارون من موسى لعلي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويثبت له الاستحقاق منهم، وفي ذلك ثبوت إمامته وولايته وفرض طاعته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل، كفرض طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالدلائل القاهرة والبراهين الباهرة، وفي ذلك يقول زيد بن علي عليه السلام، وقد سمع من يقدم أبا بكر وعمر على علي عليه السلام.
شعر فمن شرف الأقوام يوما برأيه * فإن عليا شرفته المناقب وقال رسول الله والحق قوله * وإن رغمت منه أنوف كواذب بأنك مني يا علي معالنا * كهارون من موسى أخ لي وصاحب دعاه ببدر فاستجاب لأمره * وما زال في ذات الإله يضارب فما زال يعلوهم به وكأنه * شهاب تلقاه القوابس ثاقب فإن قيل: بعد تسليم دلالة هذا الحديث على أنه له عليه السلام منازل هارون كلها،