هارون عليه السلام، وتوضيح الكلام وتنقيح المرام أن العموم المستفاد من الحديث المستثنى منه منزلة النبوة بل الأخوة النسبية أيضا يقتضي تحقق التصرف والتدبير والولاية لأمير المؤمنين عليه السلام كما كان لهارون عليه الصلاة والسلام، إلا أنه في أمير المؤمنين عليه السلام منفك عن منصب النبوة وقد كان في هارون عليه السلام بالنبوة فقط كما يفهم من سوق كلام هذا الناصب ههنا وأصحابه في غير هذا المقام، أو بالخلافة أيضا كما يدل عليه القرآن العزيز، ولما انتفت النبوة في أمير المؤمنين عليه آلاف التحية والسلام فلا بد وأن يكون هذا التصرف فيه بالخلافة، فقوله: وهذا لا يصح هناك إن أراد به أن التصرف بدعوة فرعون ونحو ذلك لا يصح إلا بتسببه عن النبوة فظاهر أنه ليس كذلك، وإن أراد أنه قد يتسبب عن الإمامة أيضا فلا يلزم انتفاءه عند انتفاء النبوة، كما في أمير المؤمنين عليه السلام، بل يستفاد من الحديث أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام صاحب الولاية في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا، لكن بالنيابة لا بالمشاركة، لأن كونه صاحب منزلة هارون عليه السلام يقتضي هذه الولاية كما مر، وعدم كونه نبيا يقتضي أن يكون بالنيابة لا بالأصالة والمشاركة فأحسن التأمل.
قال المصنف رفع الله درجته الثامن والعشرون:
في صحيح مسلم (1) والبخاري في موضعين بطريقين عن جابر وابن عيينة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنى عشر خليفة كلهم من قريش، وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزال الاسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش، وفي صحيح مسلم أيضا لا يزال الدين قائما حتى يقوم الساعة، ويكون عليه اثني عشر خليفة كلهم من قريش، وفي الجمع بين الصحاح الستة في موضعين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم