لا يدل الحديث على نفي الإمامة الثلاثة قبله، لأن لفظة بعدي محتملة للبعدية بلا فصل وبفصل، فمن جعله إماما بعد عثمان فقد قال بموجب الخبر. قلت: هب أنه من حيث الوضع محتملة للأمرين، لكن صار المفهوم منهما بحسب العرف البعدية بلا فصل، ألا ترى؟
أن القائل إذا قال: هذا المال للفقراء بعدي تبادر إلى الأفهام أنه أراد بعد موته بلا فصل، والتبادر دليل الحقيقة، فيكون حقيقتها العرفية، وكذا إذا ذكر أهل التواريخ أن فلانا جلس على سرير الملك بعد فلان لا يفهم إلا ذلك، فكذا ههنا وأيضا نحن ندعي دلالة الحديث على نفي إمامة الثلاثة بسبب عموم جميع المنازل ما عدا النبوة والأخوة النسبية، وقد ثبت عمومه بشهادة العربية والأصول ودلالة أسلوب الكلام، فإنه نص صريح في العموم والاستغراق مع الاستثناء، وقد سبق إن من جملة منازل هارون عليه السلام هو التدبير والتصرف ونفاذ الحكم على فرض التعيش بعد موسى عليه السالم على عامة الأمة بحيث لم يشذ منهم أحد، فبعد إثبات العموم وتسليم الخصم يلزم دخول عامة أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حال حياته وارتحاله تحت تصرف أمير المؤمنين عليه السلام كما كان عامة قوم موسى عليه السلام تحت تصرف هارون عليه السلام، وهذا ينفي إمامة الثلاثة مطلقا فثبتت إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وهو المطلوب.
قال المصنف رفع الله درجته العاشر: (1) في مسند أحمد من عدة طرق وصيح مسلم والبخاري من طرق متعددة وفي الصحاح الستة أيضا عن عبد الله بن بريدة، قال: سمعت أبي يقول حاصرنا خيبر وأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثم أخذها عمر من الغد، فرجع ولم يفتح وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إني دافع الرواية