الرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله أن يبين بها فضل علي عليه السلام وإن هذين الرجلين يجهلان القضاء في بهيمة، فكيف يصلحان للإمامة؟ لأن الإمام يجب أن يكون حاويا على ما يحتاج إليه الرعية من ساير العلوم جليلها وحقيرها، كثيرها وقليلها، وينوه بذكر ابن عمه عليه السلام، وأنه يقضي بقضاء داود عليه السلام، وإن هذين الرجلين لم يحكما بما أنزل الله وقد ذم الله من لم يحكم بما أنزل الله ونبه على أن من يهدي إلى الحق أحق أن يتبع بقوله تعالى: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون (1)، وفيه كفاية على الدلالة على أنه عليه السلام أحق بالإمامة من غيره، ومعلوم أن القضاء بين الناس من منازل الأنبياء أو الأئمة فلا يجوز أن يحكم أحد في زمن الأنبياء وفي حضورهم إلا نائب يريد النبي أن ينوه بذكره ويبين منزلته عند أمته ليقتدوا به بعده أو من يؤت الحكومة في زمن النبي لتدل الحكومة على نبوته، لا على نيابته كقوله تعالى: ففهمناها سليمان (2)، فكان تفهم سليمان في حكومة الكرم والغنم دليلا على نبوته واستحقاق الأمر في حياة أبيه، وبعد وفاته وحيث كانت الحكومة دليلا على استحقاق النبوة والإمامة، وكانت النبوة ممتنعة في حق علي عليه السلام ثبتت له الإمامة بهذه الطريقة، وفي ذلك ثبوتها له بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل عند من نظر بعين الحق والإنصاف وترك حب التقليد جانبا، ولو كان دفع البراءة وإنفاذه الخصمين إلى علي عليه السلام أولا ما وضح هذا الوضوح، ولجاز أن يجول بخواطر الناس: إن في الجماعة غير علي عليه السلام من يصلح أن يكون مؤديا للبراءة أو قاضيا بين الخصمين قائما في ذينك مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولنعم ما قال صاحب بن عباد (3) رحمه الله
(٤٢٤)