النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسن اختياره، فعزله من الله سبحانه بحسن اختياره، لأن فعله تعالى على باطن الأحوال، وفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ظاهرها، وإذا كان أبو بكر لم يصلح لتأدية آيات يسيرة، فكيف يصلح للإمامة؟ لأن الإمام مترجم عن الكتاب العزيز بأجمعه، وعن السنة بأسرها، ومعلوم أن الفعل الصادر عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم يتعالى عن العبث، فما الوجه في إنفاذ الرجل أولا وأخذها منه ثانيا، إلا تنبيها على الفضل وتنويها بالاسم وتعلية للذكر ورفعة لجناب من ارتضى لتأديتها، وعكس ذلك فيمن عزل، ويؤيد هذا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختصم إليه رجلان في بقرة قتلت حمارا فقال أحدهما: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بقرة هذا قتلت حماري، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اذهبا إلى أبي بكر واسألاه عن ذلك، فجاءا إلى أبي بكر وقصا عليه قصتها، فقال: كيف تركتما رسول الله وجئتموني؟ قالا: هو أمرنا بذلك، فقال لهما: بهيمة قتلت بهيمة لا شئ على ربها، فعادا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبراه بذلك فقال لهما: امضيا إلى عمر واسألاه القضاء في ذلك، فذهبا إليه وقصا عليه قصتهما فقال لهما: كيف تركتما رسول الله صلى الله عليه وسلم وجئتماني فقالا: هو أمرنا بذلك قال: فكيف لم يأمر كما بالمصير إلى أبي بكر؟ فقالا: قد أمرنا بذلك فصرنا إليه فقال: ما الذي لكما في هذه القصة؟ قالا له: كيت وكيت، قال ما أرى فيها إلى ما رآه أبو بكر، فعادا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبراه بالخبر، فقال: اذهبا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ليقضي بينكما فذهبا إليه فقصا عليه قصتهما، قال عليه السلام: إن كانت البقرة دخلت على الحمار في منامه فعلى ربها قيمة الحمار لصاحبه، وإن كان الحمار دخل على البقرة في منامها فقتله فلا غرم على صاحبها فعادا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبراه بقضيته بينهما قال: فقد قضا بينكما بقضاء الله عز وجل، ثم قال: الحمد لله الذي جعل فينا أهل البيت من يقضي على سنن داود في القضاء، وقد روى هذه القصة بعض أهل المذاهب الأربعة وذكرا أنها جرت في قضاء علي عليه السلام باليمن (1) وظاهر هذا الحال أنه قصد بها
(٤٢٣)