والثاني: أن يكون متقدما على الفعل قدرا يتمكن المكلف فيه من الاستدلال به فيفعل الفعل في الوقت الذي يجب إيقاعه فيه.
وأما ما يرجع إلى الفعل فأمران: أحدهما: إمكان وجوده. والثاني: كون الفعل قد اشتمل على صفة زائدة على حسنه بأن يكون واجبا أو مندوبا، وإن كان التكليف ترك فعل فإما أن يكون الفعل قبيحا أو يكون الإخلال به أولى من فعله.
وأما ما يرجع إلى المكلف فأن يكون عالما بصفات الفعل لئلا يكلف إيجاد القبيح وترك الواجب، وأن يكون عالما بقدر ما يستحق على الفعل من الثواب لئلا يخل ببعضه، وأن يكون القبيح ممتنعا عليه لئلا يخل بالواجب فلا يوصل الثواب إلى مستحقه.
وأما ما يرجع إلى المكلف فأن يكون قادرا على الفعل وأن يكون عالما به أو متمكنا من العلم به وإمكان الآلة أو حصولها إن كان الفعل ذا آلة.
قال: ومتعلقه إما علم إما عقلي أو سمعي وإما ظن وإما عمل.
أقول: متعلق التكليف قد يكون علما وقد يكون عملا، أما العلم فقد يكون عقليا محضا نحو العلم بوجود الله تعالى وكونه قادرا عالما إلى غير ذلك من المسائل التي (1) يتوقف السمع عليها، وقد يكون سمعيا نحو التكاليف السمعية.
وأما الظن فنحو كثير من الأمور الشرعية كظن القبلة وغيرها. وأما العمل فقد يكون عقليا كرد الوديعة وشكر المنعم وبر الوالدين وقبح الظلم والكذب وحسن التفضل والعفو، وقد يكون سمعيا كالصلاة وغيرها، وهذه الأفعال تنقسم إلى الواجب والمندوب والحرام والمكروه.
قال: وهو منقطع للاجماع ولإيصال الثواب.
أقول: يريد أن التكليف منقطع، ويدل عليه الاجماع والمعقول، أما الاجماع فظاهر إذ الاتفاق بين المسلمين وغيرهم واقع على أن التكليف منقطع، وأما