المعقول فنقول: لو كان التكليف دائما لم يمكن إيصال الثواب إلى المطيع، والتالي باطل قطعا فالمقدم مثله، بيان الشرطية أن التكليف مشروط بالمشقة، والثواب مشروط بخلوصه عن الأكدار والمشاق، والجمع بينهما محال ولا بد من تراخ بين التكليف والثواب وإلا لزم الالجاء.
قال: وعلة حسنه عامة.
أقول: لما بين أولا حسن التكليف مطلقا شرع في بيان حسنه في حق الكافر، والدليل عليه أن العلة في حسن التكليف وهي التعريض للثواب عامة في حق المؤمن والكافر فكان التكليف حسنا فيهما وهو ظاهر.
قال: وضرر الكافر من اختياره.
أقول: هذا جواب عن سؤال مقدر، وتقريره أن تكليف الكافر ضرر محض لا مصلحة فيه فلا يكون حسنا، بيان المقدمة الأولى أن التكليف نوع مشقة في العاجل وحصل العقاب بتركه وهو ضرر عظيم فانتفت المصلحة فيه إذ لا ثواب له فكان قبيحا قطعا.
والجواب: أن التكليف نفسه ليس بضرر ولا يستلزم من حيث هو تكليف ضررا وإلا لكان تكليف المؤمن كذلك، بل الضرر أنما نشأ من سوء اختيار الكافر لنفسه.
قال: وهو مفسدة لا من حيث التكليف بخلاف ما شرطناه.
أقول: الذي يخطر لنا في تحليل هذا الكلام أنه جواب عن سؤال مقدر أيضا وهو أن يقال: إنكم شرطتم في التكليف أن لا يكون مفسدة للمكلف ولا لغيره، وهذا التكليف يستلزم الضرر بالمكلف فيكون قبيحا، كما أن تكليف زيد لو استلزم مفسدة راجعة إلى عمرو كان قبيحا.
والجواب: أن الضرر هنا مفسدة لا من حيث التكليف بل من حيث اختيار المكلف على ما تقدم بخلاف ما شرطناه أعني انتفاء المفسدة اللازمة للتكليف.