ابتداء بالقدرة في محلها. والثاني هو الحادث الذي يقع بحسب فعل آخر كالحركة الصادرة عن الاعتماد ويسمونه المسبب ويسمون الأول سببا سواء كان الثاني حادثا في محل القدرة أو في غير محلها. والثالث ما يفعل لا لمحل فالأول مختص بنا والثالث مختص به تعالى والثاني مشترك.
واعلم أن الناس اختلفوا في المتولد هل يقع بنا (1) أم لا؟ فجمهور المعتزلة على أنه من فعلنا كالمباشر. وقال معمر: إنه لا فعل للعبد إلا الإرادة وما عداها من الحوادث فهي واقعة بطبع المحل، والانسان عنده جزء في القلب توجد فيه الإرادة وما عداها يضيفه إلى طبع المحل. وقال آخرون: لا فعل للعبد إلا الفكر وهم بعض المعتزلة. وقال أبو إسحاق النظام: إن فعل الانسان هي الحركات الحادثة فيه بحسب دواعيه والإنسان عنده هو شئ منساب (2) في الجملة، والإرادة والاعتقادات حركات القلب، وما يوجد منفصلا عن الجملة كالكتابة وغيرها فإنه من فعله تعالى بطبع المحل. وقال ثمامة: إن فعل الانسان هو ما يحدثه في محل قدرته فأما ما تعدى محل القدرة فهو حادث لا محدث له وفعل لا فاعل له. وقالت الأشعرية:
المتولد من فعله تعالى، والجماهير من المعتزلة التجأوا في هذا المقام إلى الضرورة فإنا نعلم استناد المتولدات إلينا كالكتابة والحركات وغيرهما من الصنائع، ويحسن منا مدح الفاعل وذمه كما في المباشر، والمصنف رحمه الله استدل بحسن المدح والذم على العلم بأنا فاعلون للمتولد لا عليه، لأن الضروريات لا يجوز الاستدلال عليها، نعم يجوز الاستدلال على كونها ضرورية إذا لم يكن هذا الحكم ضروريا، وجماعة من المعتزلة ذهبوا إلى أنه كسبي واستدلوا بحسن المدح والذم عليه فلزمهم الدور لأن حسن المدح والذم مشروط بالعلم بالاستناد إلينا فلو جعلنا الاستناد إلينا مستفادا منه لزوم الدور.