من حيث هو قابل للتقييد وعدمه.
أقول: العقل يحكم حكما ضروريا بأن الموجود إما أن يكون مستغنيا عن غيره أو يكون محتاجا، والأول واجب والثاني ممكن، وهذه قسمة ضرورية لا يفتقر فيها إلى برهان، وليست القسمة واردة على مطلق الوجود من حيث هو وجود مطلق، فإن الشئ من حيث هو ذلك الشئ يستحيل أن ينقسم إلى متباينين هما غير ذلك الشئ، وإذا اعتبرت قسمته فلا يؤخذ مع هذه الحيثية بل يؤخذ الشئ بلا تقيد بشرط مع تجويز التقييد ويقسم فتنضاف إلى مفهومه مفهومات أخر، ويصير مفهومه مع كل واحد من تلك المفهومات قسما.
المسألة الثانية والأربعون في البحث عن الإمكان قال: والحكم على الممكن بإمكان الوجود حكم على الماهية لا باعتبار العدم والوجود.
أقول: الذهن إذا حكم بأمر على أمر فقد يلاحظ الوجود أو العدم للمحكوم عليه وهو الحكم بأحدهما أو بما يشترط فيه أحدهما، وقد لا يلاحظ أحدهما كالحكم بالامكان فإن الذهن إذا حكم على الممكن بإمكان الوجود أو العدم فإنه لا يحكم عليه باعتبار كونه موجودا لأنه بذلك الاعتبار يكون واجبا، ولا باعتبار كونه معدوما فإنه بذلك الاعتبار يكون ممتنعا، وإنما يتحقق الإمكان للممكن من حيث هو هو لا باعتبار الوجود ولا باعتبار العدم.
وبهذا التحقيق يندفع السؤال الذي يهول به قوم وهو أن المحكوم عليه بالامكان إما أن يكون موجودا أو معدوما فإن كان موجودا استحال الحكم عليه بالامكان، لأن الموجود لا يقبل العدم لاستحالة الجمع بين الوجود والعدم، وإذا