ما عليه العلم فرع عليه (1)، ووجه الخلاص من الدور بهذا التحقيق أن العلم الفعلي محصل للمعلوم في الخارج لا مطلقا.
الثاني: أن يقال: المتبوع يجب أن يتقدم التابع بأحد أنواع التقدم الخمسة، وهاهنا لا تقدم بالشرف ولا بالوضع لأنهما غير معقولين فبقي أن يكون التقدم هنا بالذات أو بالعلية أو بالزمان، وعلى هذه التقادير الثلاثة يمتنع الحكم بتأخر المتبوع عن التابع في الزمان ولا شك في أن علم الله تعالى الأزلي، والعلوم السابقة على الصور الموجودة في الخارج متقدمة بالزمان، والمتأخر عن غيره بالزمان يمتنع أن يكون متقدما عليه بنوع ما من أنواع التقدمات بالاعتبار الذي كان به متأخرا عنه، والجواب عنه ما تقدم أيضا.
المسألة الخامسة عشرة في توقف العلم على الاستعداد قال: ولا بد فيه من الاستعداد أما الضروري فبالحواس وأما الكسبي فبالأول.
أقول: قد بينا أن العلم إما ضروري وإما كسبي، وكلاهما حصل بعد عدمه إذ الفطرة البشرية خلقت أولا عارية عن العلوم ثم يحصل لها العلم بقسميه، فلا بد من استعداد سابق مغاير للنفس وفاعل للعلم، فالضروري فاعله هو الله تعالى إذ القابل لا يخرج المقبول من القوة إلى الفعل بذاته وإلا لم ينفك عنه، وللقبول درجات مختلفة في القرب والبعد. وإنما تستعد النفس للقبول على التدريج فتنتقل من أقصي مراتب البعد إلى أدناها قليلا قليلا لأجل المعدات التي هي الإحساس بالحواس على اختلافها والتمرن عليها وتكرارها مرة بعد أخرى، فيتم الاستعداد