وأصحابهما وأبو الحسين البصري: إن أجله هو الوقت الذي قتل فيه وليس له أجل آخر لو لم يقتل فما كان يعيش إليه ليس بأجل له الآن حقيقي بل تقديري.
واحتج الموجبون لموته بأنه لولاه لزم خلاف معلوم الله تعالى وهو محال.
واحتج الموجبون لحياته بأنه لو مات لكان الذابح غنم غيره محسنا إليه، ولما وجب القود لأنه لم يفوت حياته.
والجواب عن الأول ما تقدم من أن العلم لا يؤثر في المعلوم، وعن الثاني بمنع الملازمة إذ لو ماتت الغنم استحق مالكها عوضا زائدا على الله تعالى فبذبحه فوت عليه الأعواض الزائدة، والقود من حيث مخالفة الشارع إذ قتله حرام عليه وإن علم موته، ولهذا لو أخبر الصادق بموت زيد لم يجز لأحد قتله.
قال: ويجوز أن يكون الأجل لطفا للغير لا للمكلف.
أقول: لا استبعاد في أن يكون أجل الانسان لطفا لغيره من المكلفين ولا يمكن أن يكون لطفا للمكلف نفسه، لأن الأجل يطلق على عمره وحياته، ويطلق على أجل موته. (أما الأول) فليس بلطف لأنه تمكين له من التكليف واللطف زائد على التمكين، (وأما الثاني) فهو قطع التكليف فلا يصح أن يكلف بعده فيكون لطفا له فيما يكلفه من بعد واللطف لا يصح أن يكون لطفا فيما مضى.
المسألة السادسة عشرة في الأرزاق قال: والرزق ما صح الانتفاع به ولم يكن لأحد منعه منه.
أقول: الرزق عند المجبرة ما أكل سواء كان حراما أو حلالا، وعند المعتزلة أنه ما صح الانتفاع به ولم يكن لأحد منع المنتفع به لقوله تعالى: (وأنفقوا مما رزقناكم) والله تعالى لا يأمر بالإنفاق من الحرام، قالوا: ولا يوصف الطعام المباح في الضيافة أنه رزقه ما لم يستهلكه لأن للمبيح منعه قبل استهلاكه بالمضغ والبلع،