عن القوة الغضبية المكدرة لصفاء القوة العقلية. الثانية: تعويد النفس النظر في الأمور الإلهية والمطالب العالية وأحوال المعاد والتفكر في ملكوت الله تعالى وكيفية صفاته وأسمائه وتحقق فيضان الموجودات عنه تعالى متسلسلة في الترتيب الذي اقتضته الحكمة الإلهية بالبراهين القطعية الخالية عن المغالطة.
والثالثة: تذكرهم ما وعدهم الشارع من الخير والشر الأخرويين بحيث ينحفظ النظام المقتضي للتعادل والترافد، ثم زاد الله تعالى لمستعملي الشرائع الأجر والثواب في الآخرة فهذه مصالح التكليف عند الأوائل.
قال: وواجب لزجره عن القبائح.
أقول: هذا مذهب المعتزلة وأنكرت الأشاعرة ذلك، والدليل على وجوب التكليف أنه لو لم يكلف الله تعالى من كملت شرائط التكليف فيه لكان مغريا بالقبيح، والتالي باطل لقبحه فالمقدم مثله، بيان الشرطية أن الله تعالى إذا أكمل عقل الانسان وجعل فيه ميلا إلى القبيح وشهوة له ونفورا عن الحسن فلو لم يقرر في عقله وجوب الواجب وقبح القبيح والمؤاخذة على الاخلال بالواجب وفعل القبيح لكان وقوع القبيح من المكلف دائما، وإلى هذا أشار بقوله: لزجره عن القبائح، أي لزجر التكليف عن القبائح.
قال: وشرائط حسنه انتفاء المفسدة وتقدمه وإمكان متعلقه وثبوت صفة زائدة على حسنه وعلم المكلف بصفات الفعل وقدر المستحق وقدرته عليه وامتناع القبيح عليه وقدرة المكلف على الفعل وعلمه به أو إمكانه وإمكان الآلة.
أقول: لما ذكر أن التكليف حسن شرع في بيان ما يشترط في حسن التكليف، وقد ذكر أمورا لا يحسن التكليف بدونها منها ما يرجع إلى نفس التكليف، ومنها ما يرجع إلى متعلق التكليف أعني الفعل والمكلف والمكلف.
أما ما يرجع إلى التكليف فأمران: أحدهما: انتفاء المفسدة فيه بأن لا يكون مفسدة لنفس المكلف به في فعل آخر داخل في تكليفه أو مفسدة لمكلف آخر.