فكذا إرادته قبيحة، وكما أن ترك الحسن قبيح فكذا إرادة تركه. الثاني: أنه تعالى أمر بالطاعات ونهى عن المعاصي والحكيم إنما يأمر بما يريده لا بما يكرهه، وينهى عما يكرهه لا عما يريده، فلو كانت الطاعة من الكافر مكروهة لله تعالى لما أمر بها، ولو كانت المعصية مرادة لله تعالى لما نهاه عنها، وكان الكافر مطيعا بكفره وعدم إيمانه لأنه فعل ما أراده الله تعالى منه وهو المعصية وامتنع عما كرهه وذلك باطل قطعا.
قال: وبعض الأفعال مستندة إلينا والمغلوبية غير لازمة والعلم تابع.
أقول: لما فرغ من الاستدلال شرع في إبطال حجج الخصم، وهي ثلاثة:
الأولى: قالوا: الله تعالى فاعل لكل موجود فتكون القبائح مستندة إليه بإرادته. والجواب ما يأتي من كون بعض الأفعال مستندة إلينا.
الثانية: إن الله تعالى لو أراد من الكافر الطاعة، والكافر أراد المعصية وكان الواقع مراد الكافر لزم أن يكون الله تعالى مغلوبا، إذ من يقع مراده من المريدين هو الغالب. والجواب أن هذا غير لازم لأن الله تعالى أنما يريد الطاعة من العبد على سبيل الاختيار وهو أنما يتحقق بإرادة المكلف، ولو أراد الله تعالى إيقاع الطاعة من الكافر مطلقا سواء كانت عن إختيار أو إجبار لوقعت.
الثالثة: قالوا: كل ما علم الله تعالى وقوعه وجب وما علم عدمه امتنع، فإذا علم عدم وقوع الطاعة من الكافر استحال إرادتها منه وإلا لكان مريدا لما يمتنع وجوده. والجواب أن العلم تابع لا يؤثر في إمكان الفعل، وقد مر تقرير ذلك.
المسألة السادسة في أنا فاعلون قال: والضرورة قاضية باستناد أفعالنا إلينا (1).