أما القوى النفسانية فيقال: عقل علمي وعقل عملي، أما العلمي فأول مراتبه الهيولاني وهو الذي من شأنه الاستعداد المحض من غير حصول علم ضروري أو كسبي.
وثانيها العقل بالملكة وهو الذي استعد بحصول العلوم الضرورية لإدراك النظريات فصار له بتلك الأوليات ملكة الانتقال إلى النظريات، وأعلى درجات هذه المرتبة ما يسمى القوة القدسية، وأدناها مرتبة البليد الذي تثبت أفكاره دون حصول مطالبه، وبين هاتين الدرجتين درجات متفاوتة في القرب والبعد بحسب شدة الاستعداد وضعفه.
وثالثها العقل بالفعل وهو أن تكون النفس بحيث متى شاءت استحضرت العلوم النظرية المكتسبة من العلوم الضرورية لا على أنها بالفعل موجودة.
ورابعها العقل المستفاد وهو حصول تلك النظريات بالفعل وهو آخر درجات كمال النفس في هذه القوة.
وأما العملي فيطلق على القوة التي باعتبارها يحصل التمييز بين الأمور الحسنة والقبيحة، وعلى المقدمات التي يستنبط بها الأمور الحسنة والقبيحة، وعلى فعل الأمور الحسنة والقبيحة.
المسألة الحادية والعشرون في الاعتقاد والظن وغيرهما قال: والاعتقاد يقال لأحد قسميه.
أقول: الاعتقاد من الأمور الضرورية، لكن اختلفوا في أنه هل هو من قبيل العلوم أو جنس مغاير لها؟ فقال جماعة بالأول، وذهب أبو الهذيل العلاف إلى الثاني، وأبطله أبو علي الجبائي بأنه لو كان كذلك لكان إما مثلا للعلم وهو المطلوب أو ضدا فلا يجتمعان مع أنهما قد يجتمعان أو مخالفا فلا ينتفيان بالضد الواحد.