المسألة الأربعون في أن المعدوم لا يعاد قال: والمعدوم لا يعاد لامتناع الإشارة إليه، فلا يصح الحكم عليه بصحة العود.
أقول: ذهب جماعة من الحكماء والمتكلمين إلى أن المعدوم لا يعاد، وذهب آخرون منهم إلى أنه ممكن أن يعاد، والحق الأول. واستدل المصنف رحمة الله عليه بوجوه: الأول: أن المعدوم لا تبقى له هوية ولا يتميز عن غيره، فلا يصح أن يحكم عليه بحكم ما من الأحكام فلا يمكن الحكم عليه بصحة العود، وهذا ينتقض بامتناع الحكم عليه بامتناع العود فإنه حكم ما، والتحقيق هنا أن الحكم يستدعي الحضور الذهني لا الوجود الخارجي.
قال: ولو أعيد تخلل العدم بين الشئ ونفسه.
أقول: هذا هو الوجه الثاني من الوجوه الدالة على امتناع إعادة المعدوم، وتقريره أن الشئ بعد عدمه نفي محض وعدم صرف وإعادته أنما تكون بوجود عينه الذي هو المبتدأ بعينه في الحقيقة فيلزم تخلل العدم بين الشئ ونفسه، وتخلل النفي بين الشئ الواحد ونفسه غير معقول.
قال: ولم يبق فرق بينه وبين المبتدأ.
أقول: هذا هو الوجه الثالث، وتقريره أن المعدوم لو أعيد لم يبق فرق بينه وبين المبتدأ، فإنا إذا فرضنا سوادين أحدهما معاد والآخر مبتدأ وجدا معا لم يقع بينهما افتراق في الماهية ولا المحل ولا غير ذلك من المميزات إلا كون أحدهما (1) كان موجودا ثم عدم والآخر لم يسبق عدمه وجوده، لكن هذا الفرق باطل لامتناع تحقق الماهية في العدم، فلا يمكن الحكم عليها بأنها هي هي حالة العدم، وإذا لم