فعله من الألم أو فوته من المنفعة، لأن الزائد على ما يستحق عليه من الضمان يكون ظلما، ولا يخرج ما فعلناه بالضمان عن كونه ظلما قبيحا فلا يلزم أن يبلغ الحد الذي شرطناه في الآلام الصادرة منه تعالى.
المسألة الخامسة عشرة في الآجال قال: وأجل الحيوان (1) الوقت الذي علم الله تعالى بطلان حياته فيه.
أقول: لما فرغ من البحث عن الأعواض انتقل إلى البحث عن الآجال، وإنما بحث عنه المتكلمون لأنهم بحثوا عن المصالح والألطاف، وجاز أن يكون موت انسان في وقت مخصوص لطفا لغيره من المكلفين فبحثوا عنه بعد بحثهم عن المصالح. (واعلم) أن الأجل هو الوقت، ونعني بالوقت هو الحادث أو ما يقدر تقدير الحادث، كما يقال: جاء زيد عند طلوع الشمس، فإن طلوع الشمس أمر حادث معلوم لكل أحد فجعل وقتا لغيره، ولو فرض جهالة طلوع الشمس وعلم مجئ زيد لبعض الناس صح أن يقال: طلعت الشمس عند مجئ زيد. إذا عرفت هذا فأجل الحيوان هو الوقت الذي علم الله تعالى بطلان حياة ذلك الحيوان فيه، وأجل الدين هو الوقت الذي جعله الغريمان محلا له.
قال: والمقتول يجوز فيه الأمران لولاه.
أقول: اختلف الناس في المقتول لو لم يقتل، فقالت المجبرة: إنه كان يموت قطعا، وهو قول أبي الهذيل العلاف. وقال بعض البغداديين: إنه كان يعيش قطعا.
وقال أكثر المحققين: إنه كان يجوز أن يعيش ويجوز أن يموت. ثم اختلفوا فقال قوم منهم: إن من كان المعلوم منه البقاء لو لم يقتل له أجلان. وقال الجبائيان