بالمظلم كما ذهب إليه من لا تحقيق له، لأن المبصر لا يجد فرقا بين حالتيه عند فتح العين في الظلمة وبين تغميضها في عدم الإدراك، فلو كانت كيفية وجودية لحصل الفرق. وفي هذا نظر فإنه يدل على انتفاء كونها كيفية وجودية مدركة لا على أنها وجودية مطلقا (1).
المسألة السابعة في البحث عن المسموعات قال: ومنها المسموعات وهي الأصوات الحاصلة من التموج المعلول للقرع والقلع.
أقول: من الكيفيات المحسوسة الأصوات وهي المدركة بالسمع. واعلم أن الصوت عرض قائم بالمحل، وقد ذهب قوم غير محققين إلى أن الصوت جوهر (2) ينقطع بالحركة وهو خطأ، لأن الجوهر يدرك باللمس والبصر والصوت ليس كذلك.
وذهب آخرون إلى أنه عبارة عن التموج الحاصل في الهواء من القلع أو القرع، وآخرون قالوا: إنه القلع أو القرع.
وهذان المذهبان باطلان، وسبب غلطهم أخذ سبب الشئ مكانه فإن الصوت معلول للتموج المعلول للقرع أو القلع وليس هو أحدها لأنها تدرك بحس البصر بخلاف الصوت. إذا عرفت هذا فاعلم أن القلع أو القرع إذا حصل حدث تموج بين القارع والمقروع في الهواء وانتقل ذلك التموج إلى سطح الصماخ فأدرك الصوت، ولا نعني بذلك أن تموجا واحدا ينتقل بعينه إلى الصماخ بل يحصل تموج بعد تموج عن صدم بعد آخر كما في تموج الماء إلى أن يصل إلى الحس.