إنما تؤثر في البعيد بواسطة تأثيرها في القريب، فإن النار لا تسخن كل شئ بل مادتها أولا ثم ما يجاورها، وهذا الحكم بين لا يحتاج إلى برهان.
المسألة الثانية عشرة في تناهي القوى الجسمانية قال: والتناهي بحسب المدة والعدة والشدة التي باعتبارها (1) يصدق التناهي وعدمه الخاص على المؤثر.
أقول: قوله والتناهي عطف على الوضع أي يشترط في صدق التأثير على المقارن - أعني الصور والأعراض - التناهي، لأنه لا يمكن وجود قوة جسمانية تقوى على ما لا يتناهى.
وقبل الخوض في الدليل مهد قاعدة في كيفية عروض التناهي وعدمه للقوى، وأعلم أن التناهي وعدمه الخاص به - أعني عدم الملكة وهو عدم التناهي عما من شأنه أن يكون متناهيا - أنما يعرضان بالذات للكم إما المتصل كتناهي المقدار ولا تناهيه، أو المنفصل كتناهي العدد ولا تناهيه، ويعرضان لغيره بواسطته كالجسم ذي المقدار والعلل ذوات العدد، فإن عروض التناهي وعدمه لهما ظاهر، وأما ما يتعلق به شئ ذو مقدار أو عدد كالقوى التي يصدر عنها عمل متصل في زمان أو أعمال متوالية، ففرض النهاية واللانهاية فيه يكون بحسب مقدار ذلك العمل أو عدد تلك الأعمال (2) والذي بحسب مقدار ذلك العمل يكون إما مع وحدة العمل واتصال زمانه (3) أو مع فرض الاتصال (4) في العمل نفسه من غير نظر إلى وحدته أو كثرته، فأصناف القوى ثلاثة: