تعالى مدة عمره بأنواع القربات إليه ثم عصى في آخر عمره معصية واحدة مع بقاء إيمانه مخلدا في النار كمن أشرك بالله تعالى مدة عمره، وذلك محال لقبحه عند العقلاء.
قال: والسمعيات متأولة ودوام العقاب مختص بالكافر.
أقول: هذا إشارة إلى الجواب عن حجج الوعيدية واحتجوا بالنقل والعقل.
(أما النقل) فالآيات الدالة على خلودهم كقوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها) وقوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) إلى غير ذلك من الآيات. (وأما العقل) فما تقدم من أن العقاب والثواب يجب دوامهما. (والجواب) عن السمع التأويل إما بمنع العموم والتخصيص بالكفار وإما بتأويل الخلود بالبقاء المتطاول وإن لم يكن دائما، وعن العقل بأن دوام العقاب أنما هو في حق الكافر أما غيره فلا.
المسألة التاسعة في جواز العفو قال: والعفو واقع لأنه حقه تعالى فجاز إسقاطه ولا ضرر عليه في تركه مع ضرر النازل به فحسن إسقاطه ولأنه إحسان.
أقول: ذهب جماعة من معتزلة بغداد إلى أن العفو جائز عقلا غير جائز سمعا، وذهب البصريون إلى جوازه سمعا وهو الحق، واستدل عليه المصنف رحمه الله بوجوه (1)، الأول أن العقاب حق لله تعالى فجاز تركه والمقدمتان ظاهرتان.