وعن شبهة البلخي أن الطاعة والعبث وصفان لا يقتضيان الاختلاف الذاتي.
وعن شبهة الجبائيين أن العدم أنما يحصل إذا لم يوجد داع لقادر آخر إلى إيجاده.
المسألة الثانية في أنه تعالى عالم قال: والأحكام والتجرد (1) واستناد كل شئ إليه دلائل العلم.
أقول: لما فرغ من بيان كونه تعالى قادرا وكيفية قدرته شرع في بيان كونه تعالى عالما وكيفية علمه، واستدل على كونه تعالى عالما بوجوه ثلاثة، الأول منها للمتكلمين والأخيران للحكماء:
الوجه الأول: أنه تعالى فعل الأفعال المحكمة وكل من كان كذلك فهو عالم، (أما المقدمة الأولى) فحسية لأن العالم إما فلكي أو عنصري، وآثار الحكمة والإتقان فيهما ظاهرة مشاهدة، (وأما الثانية) فضرورية لأن الضرورة قاضية بأن غير العالم يستحيل منه وقوع الفعل المحكم المتقن مرة بعد أخرى.
الوجه الثاني: أنه تعالى مجرد وكل مجرد عالم بذاته وبغيره، أما الصغرى فإنها وإن كانت ظاهرة لكن بيانها يأتي فيما بعد عند الاستدلال على كونه تعالى ليس بجسم ولا جسماني، وأما الكبرى فلأن كل مجرد فإن ذاته حاصلة لذاته لا لغيره وكل مجرد حصل له مجرد فإنه عاقل لذلك المجرد، لأنا لا نعني بالتعقل إلا الحصول فإذن كل مجرد فإنه عاقل لذاته.
وأما إن كل مجرد عالم بغيره فلأن كل مجرد أمكن أن يكون معقولا وحده وكل ما يمكن أن يكون معقولا وحده أمكن أن يكون معقولا مع غيره وكل مجرد