الحق. ويطلق على الاهلاك والبطلان كما قال تعالى: (فلن يضل أعمالهم) يعني يبطلها. والهدى يقال لمعان ثلاثة مقابلة لهذه المعاني فيقال بمعنى نصب الدلالة على الحق كما تقول: هداني إلى الطريق، وبمعنى فعل الهدى في الانسان حتى يعتقد الشئ على ما هو به، وبمعنى الإثابة كقوله تعالى: (سيهديهم) يعني سيثيبهم، والأولان منفيان عنه تعالى يعني الإشارة إلى خلاف الحق وفعل الضلالة، لأنهما قبيحان والله تعالى منزه عن فعل القبيح، وأما الهداية فالله تعالى نصب الدلالة على الحق وفعل الهداية الضرورية في العقلاء ولم يفعل الإيمان فيهم لأنه كلفهم به ويثيب على الإيمان، فمعاني الهداية صادقة في حقه تعالى إلا فعل ما كلف به، وإذا قيل: إنه تعالى يهدي ويضل فإن المراد به أنه يهدي المؤمنين بمعنى أنه يثيبهم ويضل العصاة بمعنى أنه يهلكهم ويعاقبهم، وقول موسى عليه السلام: إن هي إلا فتنتك فالمراد بالفتنة الشدة والتكليف الصعب، يضل بها من يشاء أي يهلك من يشاء وهم الكفار.
المسألة العاشرة في أنه تعالى لا يعذب الأطفال قال: وتعذيب غير المكلف قبيح وكلام نوح عليه السلام مجاز والخدمة ليست عقوبة له والتبعية في بعض الأحكام جائزة.
أقول: ذهب بعض الحشوية إلى أن الله تعالى يعذب أطفال المشركين ويلزم الأشاعرة تجويزه والعدلية كافة على منعه، والدليل عليه أنه قبيح عقلا فلا يصدر منه تعالى.
احتجوا بوجوه: الأول: قول نوح عليه السلام: (ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) والجواب: أنه مجاز والتقدير أنهم يصيرون كذلك لا حال طفوليتهم. الثاني: قالوا: إنا نستخدمه لأجل كفر أبيه فقد فعلنا فيه ألما وعقوبة فلا يكون