أقول: اختلف الناس هاهنا، فقالت المعتزلة: إن الفاسق لا مؤمن ولا كافر، وأثبتوا منزلة بين المنزلتين. وقال الحسن البصري: إنه منافق. وقالت الزيدية: إنه كافر نعمة. وقالت الخوارج: إنه كافر. والحق ما ذهب إليه المصنف وهو مذهب الإمامية والمرجئة وأصحاب الحديث وجماعة الأشعرية، والدليل عليه أن حد المؤمن وهو المصدق بقلبه ولسانه في جميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم موجود فيه فيكون مؤمنا.
المسألة السادسة عشرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال: والأمر بالمعروف الواجب واجب وكذا النهي عن المنكر، والمندوب (1) مندوب سمعا وإلا لزم خلاف الواقع أو الاخلال بحكمته تعالى.
أقول: الأمر بالمعروف هو القول الدال على الحمل على الطاعة (2) أو نفس الحمل على الطاعة أو إرادة وقوعها من المأمور، والنهي عن المنكر هو المنع من فعل المعاصي أو القول المقتضي لذلك أو كراهة وقوعها، وإنما قلنا ذلك للاجماع على أنهما يجبان باليد واللسان والقلب، والأخير يجب مطلقا بخلاف الأولين فإنهما مشروطان بما يأتي.
وهل يجبان سمعا أو عقلا؟ اختلف الناس في ذلك، فذهب قوم إلى أنهما يجبان سمعا للقرآن والسنة والاجماع، وآخرون ذهبوا إلى وجوبهما عقلا، واستدل المصنف على إبطال الثاني بأنهما لو وجبا عقلا لزم أحد الأمرين وهو إما خلاف الواقع أو الاخلال بحكمة الله تعالى، والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله، بيان الشرطية (3) أنهما لو وجبا عقلا لوجبا على الله تعالى، فإن كل واجب عقلي يجب على كل من حصل في حقه وجه الوجوب، ولو وجبا عليه تعالى لكان إما