العالم الثاني، سلمنا لكن لا نسلم وجوب الخلاء لإمكان ارتسام الثاني في ثخن بعض الأفلاك أو إحاطة المحيط (1) بالعالمين. الثاني: لو وجد عالم آخر فيه نار وأرض وغيرهما فإن طلبت أمكنة هذه العناصر لزم قسرها دائما وإلا اختلف المتفقات في الطباع في مقتضاها، (والجواب) لم لا يجوز أن يكون العالم الآخر مخالفا لهذا العالم في الحقيقة؟ سلمنا لكن لم لا يجوز أن يكون المكانان طبيعيين لهما؟ فهذا ما خطر لنا في تطبيق كلام المصنف - رحمة الله عليه -.
المسألة الثانية في صحة العدم على العالم قال: والإمكان يعطي جواز العدم.
أقول: اختلف الناس في أن العالم هل يصح عدمه أم لا؟ فذهب المليون أجمع إلى ذلك إلا من شذ ومنع منه القدماء واختلفوا فذهب قوم منهم إلى أن الامتناع ذاتي وجعلوا العالم واجب الوجود، ونحن قد بينا خطأهم وبرهنا على حدوثه فيكون ممكنا بالضرورة، وذهب آخرون إلى أن الامتناع باعتبار الغير وذلك أن العالم معلول علة واجب الوجود فلا يمكن عدمه إلا بعدم علته ويستحيل عدم واجب الوجود، ونحن قد بينا خطأهم في ذلك وبرهنا على أن المؤثر في العالم قادر مختار، وذهبت الكرامية والجاحظ إلى استحالة عدم العالم بعد وجوده بعد اعترافهم بالحدوث، لأن الأجسام باقية فلا تفنى بذاتها ولا بالفاعل لأن شأنه الإيجاد لا الأعدام، إذ لا فرق في العقل بين نفي الفعل وبين فعل العدم ولا ضد للأجسام لأنه بعد وجوده ليس إعدامه للباقي أولى من عدمه به لوقوع التضاد من الطرفين، وأولوية الحادث بالتعلق بالسبب مشتركة وبكثرته باطلة لامتناع اجتماع المثلين، وباسلتزام الجمع بين النقيضين باطلة لانتفائه على تقدير القول