أقول: لما ذكر أن التشخص والتميز متغايران انتفى العموم المطلق بينهما، وذلك لأن كل واحد منهما يصدق بدون الآخر ويصدقان معا على شئ ثالث وكل شيئين هذا شأنهما فبينهما عموم من وجه أما صدق التشخص بدون التميز ففي الشخص الذي لا تعتبر مشاركته لغيره وإن كان لا بد له من المشاركة في نفس الأمر ولو في الأعراض العامة.
وأما صدق التميز بدون التشخص ففي الكلي إذا كان جزئيا إضافيا يندرج تحت كلي آخر فإنه يكون ممتازا عن غيره وليس بمتشخص.
وأما صدقهما على شئ واحد ففي التشخص المندرج تحت غيره إذا اعتبر اندراجه فإنه متشخص ومتميز.
المسألة السادسة في البحث عن الوحدة والكثرة قال: والتشخص يغاير الوحدة.
أقول: الوحدة عبارة عن كون المعقول غير قابل للقسمة من حيث هو واحد، وهو مغاير للتشخص لأن الوحدة قد تصدق على الكلي غير المتشخص، وعلى الكثرة نفسها من دون صدق التشخص عليهما.
قال: وهي تغاير الوجود لصدقه على الكثير من حيث هو كثير بخلاف الوحدة، وتساوقه.
أقول: قد ظن قوم أن الوجود والوحدة عبارتان عن شئ واحد لصدقهما على جميع الأشياء وهو خطأ، فإنه لا يلزم من الملازمة الاتحاد. ثم الدليل على تغايرهما أن الكثير من حيث إنه كثير يصدق عليه أنه موجود وليس بواحد، فالموجود غير الواحد من الشكل الثالث.
نعم، الوحدة تساوق الوجود وتلازمه، فكل موجود فهو واحد والكثرة يصدق عليها الواحد لا من حيث هي كثرة على معنى أن الوحدة تصدق على العارض