كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٣
أن ذلك العارض مساو لها، ثم يفيد غيره تصورها (1) بذكر ذلك العارض ولا دور في ذلك، سلمنا لكن العلم بالمساواة لا يستلزم العلم بالماهية من كل وجه، بل من بعض الوجوه على ما قدمناه (2)، ويكون الاكتساب لكمال التصور، فلا دور حينئذ.
المسألة الثانية في أن الوجود مشترك قال: وتردد الذهن حال الجزم بمطلق الوجود واتحاد مفهوم نقيضه وقبوله القسمة يعطي اشتراكه (3).
أقول: لما فرغ من البحث عن ماهية الوجود، شرع في البحث عن أحكامه،

(1) أي يفيد الناظر، فالكلمتان منصوبتان على المفعولية.
(2) وهو قوله: جاز أن يكون التصور للمفردات ناقصا.. الخ.
(3) أي كل واحد من هذه الوجوه الثلاثة يعطي الاشتراك. وفي (ت): يعطي الشركة، والشرح مطابق للأول. وفي منظومة الحكيم السبزواري: يعطي اشتراكه صلوح المقسم، واعلم أن جمهور المحققين من الحكماء والمتكلمين أجمعوا على أن للوجود مفهوما واحدا مشتركا بين الوجودات، ولكن خالفهم في هذا الحكم أبو الحسن الأشعري وأبو الحسين البصري حيث ذهبا إلى أن وجود كل شئ عين ماهيته، ولا اشتراك إلا في لفظ الوجود حذرا من المشابهة والسنخية بين العلة والمعلول.
واستدل الجمهور بوجوه ثلاثة أشار إليها المصنف، والحق أن كون الوجود مشتركا بين الماهيات فهو قريب من الأوليات، والقول بكون اشتراك الوجود لفظيا بمعنى أن المفهوم من الوجود المضاف إلى الانسان غير مفهوم الوجود المضاف إلى الفرس، ولا اشتراك بينهم في مفهوم الكون أي الوجود مكابرة ومخالفة لبديهة العقل.
ثم إن توهم المشابهة والسنخية بين العلة والمعلول وهم، لأن تلك السنخية كسنخية الشئ والفئ من شرائط العلية والمعلولية، على أن الأمر عند النظر التام فوق التفوه بالعلية والمعلولية لأن الكل فيضه، سبحان الله عما يصفون، إلا عباد الله المخلصين.
ثم القول بأن وجود كل ماهية عبارة عن نفس حقيقتها، أخص من الاشتراك اللفظي، لاحتمال الاشتراك أن يكون الوجود في كل ماهية أمرا زائدا على الماهية مختصا بها لأنفسها.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست