قوله رحمه الله: وإلا لزم اجتماع الضدين، إشارة إلى هذه اللوازم الناشئة عن هذا القسم من المنفصلة لأن القول بالوحدة فيما لا يزال يستلزم اتصاف النفوس بالضدين، والقول بالكثرة فيما لا يزال مع حصولها يستلزم تكثر ما فرضناه واحدا وهو جمع بين الضدين أيضا، والقول بالكثرة مع تجددها يستلزم بطلان النفس الواحدة وحدوث هاتين النفسين مع فرض قدمهما وهو جمع بين الضدين أيضا.
وأما بطلان كثرتها أزلا فلأن التكثر إما بالذاتيات أو باللوازم أو بالعوارض، والكل باطل. أما الأول فلما ثبت من وحدتها بالنوع، وكذا الثاني لأن كثرة اللوازم تستلزم كثرة الملزومات، وأظن أن قوله: أو بطلان ما ثبت، إشارة إلى هذا لأن القول بالكثرة الذاتية يستلزم بطلان وحدتها بالنوع وقد أثبتناه.
وأما الثالث فلأن اختلاف العوارض للذوات المتساوية أنما يكون عند تغاير المواد لأن نسبة العارض إلى المثلين واحدة ومادة النفس البدن لاستحالة الانطباع عليها وقبل البدن لا مادة وإلا لزم التناسخ وهو محال.
وأظن أن قوله: أو ثبوت ما يمتنع، إشارة إلى هذا.
المسألة الثامنة في أن لكل نفس بدنا واحدا وبالعكس قال: وهي مع البدن على التساوي.
أقول: هذا حكم ضروري أو قريب من الضروري، فان كل انسان يجد ذاته ذاتا واحدة (1) فلو كان لبدن نفسان لكان تلك الذات ذاتين وهو محال، فيستحيل تعلق النفوس الكثيرة ببدن واحد. وكذا العكس فإنه لو تعلقت نفس واحدة ببدنين لزم أن يكون معلوم أحدهما معلوما للآخر وبالعكس وكذا باقي الصفات النفسانية وهو باطل بالضرورة.