كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٨٣
المسألة السابعة في أن النفوس البشرية حادثة (1) قال: وهي حادثة وهو ظاهر على قولنا، وعلى قول الخصم لو كانت أزلية لزم اجتماع الضدين أو بطلان ما ثبت أو ثبوت ما يمتنع.
أقول: اختلف الناس في ذلك، فالمليون ذهبوا إلى أنها حادثة وهو ظاهر على قواعدهم لما ثبت من حدوث العالم وهي من جملة العالم، ولأجل ذلك قال المصنف رحمه الله: وهو ظاهر على قولنا.
وأما الحكماء فقد اختلفوا هاهنا، فقال أرسطو: إنها حادثة. وقال أفلاطون:
إنها قديمة (2). والمصنف رحمه الله ذكر هاهنا حجة أرسطو أيضا على الحدوث.
وتقرير هذه الحجة أن النفوس لو كانت أزلية لكانت إما واحدة أو كثيرة، والقسمان باطلان، فالقول بقدمها باطل أما الملازمة فظاهرة، وأما بطلان وحدتها فلأنها لو كانت واحدة أزلا فإما أن تتكثر فيما لا يزال أو لا تتكثر، والثاني باطل وإلا لزم أن يكون ما يعلمه زيد يعلمه كل أحد وكذا سائر الصفات النفسانية، لكن الحق خلاف ذلك فإنه قد يعلم زيد شيئا وعمرو جاهل به، ولو اتحدت نفساهما لزم اتصاف كل واحد بالضدين. والأول باطل أيضا لأنها لو تكثرت لكانت النفسان الموجودتان الآن إما أن يقال: كانتا حاصلتين قبل الانقسام فقد كانت الكثرة حاصلة قبل فرض حصولها هذا خلف، وإما أن يقال: حدثتا بعد الانقسام وهو محال وإلا لزم حدوث النفسين وبطلان النفس التي كانت موجودة، وأظن أن

(1) التحقيق أنها حادثة بحدوث الأبدان لا مع حدوثها.
(2) والحق أن مراده من قدمها قدم مبدعها ومنشئها الذي ستعود إليه بعد انقطاعها عن الدنيا كما في الفصل السابع من الطرف الثاني من المسلك الخامس من الأسفار (ط 1 ج 1 ص 319) وراجع في ذلك الدرس الثالث من كتابنا اتحاد العاقل بالمعقول (ص 42 ط 1).
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست