المسألة الرابعة في أنه يفعل لغرض قال: ونفي الغرض يستلزم العبث ولا يلزم عوده إليه.
أقول: اختلف الناس هنا، فذهبت المعتزلة إلى أنه تعالى يفعل لغرض ولا يفعل شيئا لغير فائدة، وذهبت الأشاعرة إلى أن أفعاله تعالى يستحيل تعليلها بالأغراض والمقاصد. والدليل على مذهب المعتزلة أن كل فعل لا يفعل لغرض فإنه عبث والعبث قبيح، والله تعالى يستحيل منه فعل القبيح. احتج المخالف بأن كل فاعل لغرض وقصد فإنه ناقص بذاته مستكمل بذلك الغرض، والله تعالى يستحيل عليه النقصان. (والجواب) النقص أنما يلزم لو عاد الغرض والنفع إليه، أما إذا كان النفع عائدا إلى غيره فلا كما نقول: إنه تعالى يخلق العالم لنفعهم.
المسألة الخامسة في أنه تعالى يريد الطاعات ويكره المعاصي قال: وإرادة القبيح قبيحة وكذا ترك إرادة الحسن وللأمر والنهي (1).
أقول: مذهب المعتزلة أن الله تعالى يريد الطاعات من المؤمن والكافر سواء وقعت أو لا، ويكره المعاصي سواء وقعت أو لا. وقالت الأشاعرة: كل ما هو واقع فهو مراد سواء كان طاعة أو معصية. والدليل على ما ذهب إليه المعتزلة وجهان:
الأول: أنه تعالى حكيم لا يفعل القبيح على ما تقدم، فكما أن فعل القبيح قبيح