يماثل شيئا آخر وأيضا فليس هاهنا معقول يساويه في التعقل على معنى ما ذكرناه إذ كل معقول مغاير لمعقول الوجود.
لا يقال: إن كليه وجزءيه متساويان في التعقل، فكان له مثل وهو الجزئي.
لأنا نقول: إنهما ليسا بمتساويين في المعقولية، وإن كان أحد جزئي الجزئي هو الكلي. لكن الاتحاد ليس تماثلا، وأيضا فإنه عارض لكل المعقولات على ما قررناه أولا، ولا شئ من المثلين بعارض لصاحبه.
المسألة العاشرة في أنه مخالف لغيره من المعقولات وعدم منافاته لها قال: فتحققت مخالفته للمعقولات.
أقول: لما انتفت نسبة التضاد والتماثل بينه وبين غيره من المعقولات، وجبت المخالفة بينهما، إذ القسمة حاصرة في كل معقولين بين التماثل والاختلاف، وقد انتفى التماثل فوجب الاختلاف، ولهذا جعله نتيجة لما سبق.
قال: ولا ينافيها.
أقول: المتنافيان لا يمكن اجتماعهما، وقد بينا أن كل معقول على الاطلاق فإنه يمكن عروض مطلق الوجود له واجتماعه معه وصدقه عليه، فكيف ينافيه.
لا يقال: العدم أمر معقول، وقد قضى العقل بمنافاته له، فكيف يصح قوله على الاطلاق أنه لا ينافيها؟
لأنا نقول: نمنع أولا كون العدم المطلق معقولا والعدم الخاص له حظ من الوجود، ولهذا افتقر إلى موضوع خاص كافتقار الملكة إليه، سلمنا لكن نمنع استحالة عروض الوجود المطلق للعدم المعقول فإن العدم المعقول ثابت في الذهن فيكون داخلا تحت مطلق الثابت فيصدق عليه مطلق الثابت ومنافاته للوجود المطلق لا باعتبار صدق مطلق الثبوت عليه، بل من حيث أخذ مقابلا له ولا امتناع