كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٣
المسألة السادسة والأربعون في عدم وجوب المادة والمدة للحادث قال: ولا يفتقر الحادث إلى المدة والمادة (1) وإلا لزم التسلسل.
أقول: ذهبت الفلاسفة إلى أن كل حادث مسبوق بمادة ومدة، لأن كل حادث ممكن وإمكانه سابق عليه وهو عرض لا بد له من محل وليس المعدوم لانتفائه فهو ثبوتي هو المادة، ولأن كل حادث يسبقه عدمه سبقا لا يجامعه المتأخر، فالسبق بالزمان يستدعي ثبوته، وهذان الدليلان باطلان لأنه يلزم منهما التسلسل، لأن المادة ممكنة فمحل إمكانها مغاير لها فيكون لها مادة أخرى على أنا قد بينا إن الإمكان عدمي، لأنه لو كان ثبوتيا لكان ممكنا فيكون له إمكان ويلزم التسلسل، والزمان يتقدم أجزاؤه بعضها على بعض هذا النوع من التقدم فيكون للزمان زمان هذا خلف.
أجابوا عن الأول: بأن الإمكان لفظ مشترك بين معنيين: الأول: ما يقابل

(1) المادة ما يكون موضوعا للحادث إن كان الحادث عرضا، أو هيولاة إن كان الحادث صورة، أو كان متعلقه إن كان الحادث نفسا، وبالجملة أن الحادث محتاج إلى محل سابق.
وقوله: لأن كل حادث ممكن، دليل لمسبوقيته بمادة. وقوله: ولأن كل حادث يسبقه، دليل لمسبوقيته بمدة. وقوله: هذا النوع من التقدم، منصوب مفعول مطلق نوعي ليتقدم. وقوله:
لفظ مشترك بين معنيين، كما بين في المسألة الثانية والثلاثين حيث قال: والاستعدادي قابل للشدة والضعف.. الخ.
واعلم أن الحادث ينقسم إلى الحادث الذاتي وإلى الحادث الزماني، والثاني يحتاج إلى المادة والمدة دون الأول لأن العقول عند الإلهيين من الفلاسفة حادثة بالحدوث الذاتي كغيرها من الحادثات الزمانية ولكنها غير متصفة بالحدوث الزماني، فكل ما حادث بالزماني حادث بالذاتي أيضا ولا عكس كليا، والحدوث الذاتي يصدق على القديم الممكن الغير المفتقر إلى المدة والمادة، والمفتقر إليهما مسبوق بالامكان الاستعدادي. والتسلسل التعاقبي في المقام غير ضار لدوام الفيض وقدمه. والتحقيق موكول إلى البحث عن حق التوحيد الذي هو توحيد الوجود الحق الصمدي ذي المعارج.
(١٢٣)
مفاتيح البحث: الوجوب (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست