قال: وتصدق الحقيقية منهما.
أقول: الموجود لا يخلو عن القدم والحدوث لأنه لا يخلو من أن يكون مسبوقا بغيره أو لا، والأول حادث والثاني قديم، ولا يجتمعان في شئ واحد لاستحالة اجتماع النقيضين، فإذن لا يجتمعان ولا يرتفعان فتتركب المنفصلة الحقيقية منهما.
المسألة الخامسة والثلاثون في خواص الواجب قال: ومن الوجوب الذاتي والغيري (1).
أقول: هذه إحدى الخواص وهو أن الشئ الواحد إذا كان واجبا لذاته استحال أن يكون واجبا بغيره، إذا عرفت هذا فنقول: المنفصلة الحقيقية التي تمنع الجمع والخلو صادقة على الموجود إذا أخذ جزءاها الوجوب بالذات والوجوب بالغير، بأن يقال: الموجود إما واجب لذاته أو واجب بغيره لامتناع صدقهما على شئ واحد وكذبهما عليه، وذلك لأن الموجود إما مستغن عن الغير أو محتاج إليه ولا واسطة بينهما، والأول واجب بالذات والثاني واجب بالغير.
وإنما امتنع الجمع بينهما لأنه لو كان شئ واحد واجبا بذاته وبغيره معا لزم المحال، لأن الواجب بغيره يرتفع بارتفاع غيره، والواجب بالذات لا يرتفع بارتفاع غيره، فلو كان شئ واحد واجبا بذاته وبغيره لزم اجتماع النقيضين، وهو محال.
وإنما امتنع الخلو عنهما لأن الموجود إن كان واجبا صدق أحد الجزئين (2)