للمحوي لكان متقدما بشخصه المعين علي وجود المحوي فيكون المحوي حينئذ ممكنا فيكون انتفاء الخلاء ممكنا لأنه مصاحب لوجود المحوي لكن الخلاء ممتنع لذاته، والجواب بعد تسليم امتناع الخلاء لا نسلم كون الامتناع ذاتيا.
إذا عرفت هذا فنرجع إلى تتبع ألفاظ الكتاب، فنقول: قوله: لا علية بين المتضائفين، الذي يفهم من هذا الكلام أنه لا علية بين الحاوي والمحوي وسماهما المتضائفين لأنه أخذهما من حيث هما حاو ومحوي، وهذان الوصفان من باب المضاف. وقوله: وإلا لأمكن الممتنع، إشارة إلى ما بيناه من إمكان الخلاء الممتنع لذاته على تقدير كون الحاوي علة. وقوله: أو علل الأقوى بالأضعف، إشارة إلى ما بيناه من كون الضعيف علة في القوي على تقدير كون المحوي علة للحاوي. وقوله: لمنع الامتناع الذاتي، إشارة إلى ما بيناه في الجواب من المنع من كون الخلاء ممتنعا لذاته، فهذا ما فهمناه من هذا الموضع.
المسألة الثانية في النفس الناطقة قال: وأما النفس فهي كمال (1) أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة.
أقول: هذا هو البحث عن أحد أنواع الجوهر وهو البحث عن النفس الناطقة، وقبل البحث عن أحكامها شرع في تعريفها وقد عرفها الحكماء بأنها كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة، لأن الجسم إذا أخذ بمعنى المادة كانت النفس المنضمة إليه الذي يحصل من اجتماعهما (2) نبات أو حيوان أو انسان صورة، وإذا أخذ بمعنى الجنس كانت كمالا لأن طبيعة الجنس ناقصة قبل الفصل، وقد عرفوا