وذلك بحسب ما في المحل من الانقسامات الممكنة.
قال: ولاستلزام التجرد صحة المعقولية المستلزمة لإمكان المصاحبة.
أقول: هذا دليل الحكم الثاني وهو أن كل مجرد عاقل، وتقريره أن كل مجرد فإنه يصح أن يكون معقولا بالضرورة، إذ العائق عن التعقل أنما هو المادة لا غير وكلما صح أن يكون معقولا وحده صح أن يكون معقولا مع غيره وهو قطعي، فإذن كل مجرد فإنه يصح أن يقارن غيره فنقول: هذه الصحة إما أن تتوقف على ثبوت المجرد في العقل أو لا، والأول محال لأن الثبوت في العقل نوع من المقارنة فيلزم توقف إمكان الشئ على وقوعه وهو باطل بالضرورة والثاني هو المطلوب.
وهذا الدليل عندي في غاية الضعف، لأن توقف إمكان مقارنة المجرد المعقول للصورة المعقولة على ثبوت مقارنة المجرد للعقل لا يقتضي توقف الإمكان على الوقوع، إذ الإمكان هنا عائد إلى مقارنة المعقول للمعقول وهي غير، والثبوت عائد إلى مقارنة المعقول للعاقل وهي غير فلا يلزم ما ذكر من المحال.
المسألة الثالثة والعشرون في أحكام القدرة قال: ومنها القدرة وتفارق الطبيعة والمزاج بمقارنة الشعور والمغايرة في التابع.
أقول: لما فرغ من البحث عن العلم شرع في البحث عن القدرة، وأشار بقوله:
ومنها أي ومن الكيفيات النفسانية لأنها صفة قائمة بذوات الأنفس.
واعلم أن الجسم من حيث هو غير مؤثر وإلا لتساوت الأجسام في ذلك، وإنما يؤثر باعتبار صفة قائمة به، والصفة المؤثرة إما أن تؤثر مع الشعور أو بدونه وعلى كلا التقديرين إما أن يتشابه التأثير أو يختلف، فالأقسام أربعة: أحدها:
الصفة المقترنة بالشعور المتفقة في التأثير وهي القوة الفلكية. الثاني: المقترنة