كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ٢١٧
عرض فقد ظهر صدق العرض على المحل والحال جزئيا.
المسألة الثانية في أن الجوهر والعرض ليسا جنسين لما تحتهما قال: والجوهرية والعرضية من ثواني المعقولات (1) لتوقف نسبة إحداهما
(١) جعل المعلم الأول المعولات منحصرة في العشر: إحداها مقولة الجوهر حيث إنه جنس لأنواعه الخمسة، والتسع الباقية الأعراض التسعة المشهورة. ولكن بعضهم كابن سهلان الساوجي صاحب البصائر، والشيخ الإشراقي وغيرهما كل أخذ مذهبا ولا يهمنا نقل تلك المذاهب.
وأما ما ذهب إليه المصنف من نفي جنسية الجوهر والعرض لما تحتهما بأدلته الثلاثة فأورد عليها بأسرها بأن ما ذكره في الدليل الأول من احتياج إثبات كثير من الجواهر كالنفوس الناطقة والصور النوعية، وكذا في إثبات عرضية كثير من الأعراض كالمقادير والألوان والأضواء مثلا إلى وسط أي نظر واستدلال، ولو كانا جنسين لما تحتهما لما احتجنا إليه لأن ذاتي الشئ يكون بين الثبوت لذلك الشئ، فهو يتم لو كان الشئ متصورا بالكنه ولو تصور بالكنه لأمكن أن لا نحتاج إلى وسط أصلا.
وبأن ما أتى به في الدليل الثاني من أنهما مقولان على ما تحتهما من الأنواع بالتشكيك، لأن بعض أنواع الجوهر كالمجرد أولى بالجوهرية من آخر كالمادة مثلا، وكذلك العرض بعضه كغير القار أولى بالعرضية من البعض كالقار والذاتي لا يكون مقولا بالتشكيك، فهو لا يتم لأن التشكيك ناش من الوجود فإن الجوهر من حيث الوجود أقدم وأقوم من آخر. وأما بلحاظ الجوهر فليس فيه تقديم وتأخير لأن معنى الجوهر هو الموجود لا في موضوع أنه ماهية يلزمها في الأعيان إذا وجدت أن يكون وجودها لا في موضوع، لا أنه كان الموجود بالفعل، مثل ما يقال: فلان ضاحك، أي من شأنه عند التعجب أن يضحك فلا ريب أنا إذا قلنا في شئ: موجود أو معدوم، نجد أنه ماهية إذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضوع، وأن هذا المعنى مقوم لذلك الشئ وذاتي له والجنس يدل على طبيعة الأشياء وماهياتها بخلاف العرض ولو عبرنا عنه بأنه ماهية من شأنها الوجود في الموضوع كان هذا المعنى لا يدل على طبيعة الأعراض وحقيقتها، فإن معنى العرض سلب القيام بنفسه ونسبته إلى شئ آخر وهذا ما يلحق ويعرض ماهية الأعراض ولا يدل على ماهيتها، مثلا أن العرض لا يدل على طبيعة البياض والسواد وغيرها بل على أن له نسبة إلى ما هو فيه، وعلى أنه ذاتي يقتضي هذه النسبة كما أفاده الشيخ في منطق الشفاء والنمط الرابع من الإشارات.
وأما ما أتى به في الثالث من أنا لا نعقل من الجوهر سوى المستغنى عن الموضوع، ومن العرض المحتاج إليه وهما مفهومان إضافيان ومثل ذلك لا يمكن أن يكون إلا عرضيا، فهو في العرض صحيح لا كلام فيه، وأما في الجوهر فلا، وذلك لما قلنا من أنا نتصور من الجوهر ماهية شأنها إذا وجدت في الخارج لا يكون في موضوع وهذا المعنى هو حقيقة الجوهر وكنهه، والاستغناء عن الموضوع المتصور من الجوهر وجه من وجوهه وعارض من عوارضه. فتبين لك أن نفي الجنسية في العرض صحيح إلا أن الدليلين الأولين عليلان، والجوهر جنس والأدلة الثلاثة في نفيه مردودة.