لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا) فأخبر أنهم لو منعهم (1) اللطف في بعثه الرسول لكان لهم أن يسألوا بهذا السؤال ولا يكون لهم هذا السؤال إلا مع قبح إهلاكهم من دون البعثة ولا يقبح ذمه لأن الذم حق مستحق على القبيح غير مختص بالمكلف بخلاف العقاب المستحق للمكلف، ولهذا لو بعث الانسان غيره على فعل القبيح ففعله لم يسقط حق الباعث من الذم كما أن لإبليس ذم أهل النار وإن كان هو الباعث على المعاصي.
قال: ولا بد من المناسبة وإلا ترجح بلا مرجح بالنسبة إلى المنتسبين.
أقول: لما فرغ من الاعتراضات على وجوب اللطف شرع في ذكر أحكامه وقد ذكر منها خمسة: الأول: أنه لا بد وأن يكون بين اللطف والملطوف فيه مناسبة، والمراد بالمناسبة هنا كون اللطف بحيث يكون حصوله داعيا إلى حصول الملطوف فيه، وهذا ظاهر لأنه لولا ذلك لم يكن كونه لطفا أولى من كون غيره لطفا فيلزم الترجيح من غير مرجح، ولم يكن كونه لطفا في هذا الفعل أولى من كونه لطفا في غيره من الأفعال وهو ترجيح من غير مرجح أيضا، وإلى هذين أشار بقوله: وإلا ترجح بلا مرجح بالنسبة إلى المنتسبين، وعنى بالمنتسبين اللطف والملطوف فيه، هذا ما فهمناه من هذا الكلام.
قال: ولا يبلغ الإلجاء.
أقول: هذا الحكم الثاني من أحكام اللطف وهو أن لا يبلغ في الدعاء إلى الملطوف فيه إلى حد الالجاء، لأن الفعل الملجئ إلى فعل آخر يشبه اللطف في كون كل منهما داعيا إلى الفعل غير أن المتكلمين لا يسمون الملجئ إلى الفعل لطفا، فلهذا شرطنا في اللطف زوال الالجاء عنه إلى الفعل.
قال: ويعلم الملكف اللطف إجمالا أو تفصيلا.