المسألة الرابعة في أحكامه قال: ويعرض ثاني القسمين فيهما لأولهما (1).
أقول: قد بينا أن الكم إما متصل وإما منفصل، وأيضا إما ذاتي أو عرضي، والثاني من القسمين في القسمين معا يعرض للأول منهما فإن الجسم التعليمي يعرض له الانقسام فيحصل له التعدد فيصير معدودا قد عرض له النوع الثاني من الكم وهو المنفصل، وكذا الزمان يقسم إلى الساعات والشهور والأيام والأعوام فيحصل له التعدد، وأيضا الزمان متصل بذاته ويعرض له التقدير بالمسافة أيضا كما يقال زمان حركة فرسخ فظهر معنى قوله: ويعرض ثاني القسمين فيهما لأولهما.
قال: وفي حصول المنافي وعدم الشرط دلالة على انتفاء الضدية.
أقول: يريد أن الكم لا تضاد فيه، والدليل عليه وجهان: أحدهما: أن المنافي للضدية حاصل فلا تكون الضدية موجودة، بيانه أن أنواع الكم المنفصل يتقوم بعضها ببعض فأحد النوعين إما مقوم لصاحبه أو متقوم به ويستحيل تقوم أحد الضدين بالآخر. وأما المتصل فلأن أحد النوعين إما قابل للآخر كالسطح للخط والجسم للسطح أو مقبول له كالعكس والضد لا يكون قابلا لضده ولا مقبولا له، فحصول التقويم والقابلية المنافيان للضدية يقتضي انتفاء الضدية.
الثاني: أن الشرط في التضاد مفقود في الكم فلا تضاد فيه، بيانه أن للتضاد شرطين أحدهما اتحاد الموضوع، الثاني أن يكون بينهما غاية التباعد، وهما منتفيان هنا أما عدم اتحاد الموضوع في العدد فلأنه ليس لشئ من العددين