أقول: ذهب قوم من المعتزلة إلى أن القدر (1) مختلفة وبنوه على أصل لهم وهو أنه لا تجتمع قدرتان على مقدور واحد وإلا لأمكن اتصاف ذاتين بهما فيجتمع على المقدور الواحد قادران وهو محال، وإذا ثبت امتناع اجتماع قدرتين على مقدور واحد ثبت اختلاف القدر لأن التماثل في المتعلق يستلزم اتحاد المتعلق، ونحن لما جوزنا تعلق القادرين بمقدور واحد اندفع هذا الدليل وحينئذ جاز وقوع التماثل فيها كغيرها من الأعراض. قال: وتقابل العجز تقابل الملكة والعدم.
أقول: العجز عند الأوائل وجمهور المعتزلة أنه عدم القدرة عما من شأنه أن يكون قادرا فهو عدم ملكة القدرة، وذهبت الأشعرية إلى أنه معنى يضاد القدرة لأنه ليس جعل العجز عدما للقدرة أولى من العكس، وهو خطأ فإنه لا يلزم من عدم الأولوية عندهم عدمها في نفس الأمر ولا من عدمها في نفس الأمر ثبوت العجز معنى.
قال: وتغاير الخلق (2) لتضاد أحكامهما والفعل.
أقول: الخلق ملكة نفسانية تصدر بها عن النفس أفعال بسهولة من غير سابقة فكر وروية، وهو مغاير للقدرة لتضاد أحكامهما، لأن القدرة تتساوى نسبتها إلى الضدين والخلق ليس كذلك، والخلق أيضا يغاير الفعل لأنه قد يكون تكليفا.
المسألة الرابعة والعشرون في الألم واللذة قال: ومنها الألم واللذة وهما نوعان من الادراك تخصصا بإضافة تختلف بالقياس.