والجواب إن أردتم بوجوب ما علمه تعالى (1) أنه واجب الصدور عن العلم فهو باطل، لأنه تعالى يعلم ذاته ويعلم المعدومات (2) وإن أردتم وجوب المطابقة لعلمه فهو صحيح لكن ذلك وجوب لاحق لا سابق فلا ينافي الإمكان الذاتي، وإلى هذا أشار بقوله: ويمكن اجتماع الوجوب والإمكان باعتبارين.
المسألة الثالثة في أنه تعالى حي قال: وكل قادر عالم حي بالضرورة.
أقول: اتفق الناس على أنه تعالى حي واختلفوا في تفسيره، فقال قوم: إنه عبارة عن كونه تعالى لا يستحيل أن يقدر ويعلم. وقال آخرون: إنه من كان على صفة لأجله عليها يجب أن يعلم ويقدر. والتحقيق أن صفاته تعالى إن قلنا بزيادتها على ذاته فالحياة صفة ثبوتية زائدة على الذات وإلا فالمرجع بها إلى صفة سلبية وهو الحق، وقد بينا أنه تعالى قادر عالم فيكون بالضرورة حيا لأن ثبوت الصفة فرع عدم استحالتها.
المسألة الرابعة في أنه تعالى مريد قال: وتخصيص بعض الممكنات بالايجاد في وقت يدل على إرادته تعالى (3).
أقول: اتفق المسلمون على أنه تعالى مريد لكنهم اختلفوا في معناه، فأبو الحسين جعله نفس الداعي على معنى أن علمه تعالى بما في الفعل من المصلحة