يحصل الانعكاس كالأشياء الخشنة التي نشاهدها فإنه لا ينعكس عنها شعاع إلى غيرها لعدم الملاسة. هذا علة أصحاب الشعاع في رؤية الانسان وجهه بالمرآة، وأما القائلون بالانطباع فقالوا: إنه تنطبع في المرآة صورة الرائي ثم تنطبع في العين من تلك الصورة صورة أخرى. وهو باطل لأن الصورة لو انطبعت في المرآة لم تتغير بتغير وضع الرائي.
قال: وإن عرض تفرق السهمين تعدد المرئي.
أقول: هذا إشارة إلى علة الحول عند القائلين بالشعاع، والسبب في الحول عندهم أن النور الممتد من العين على شكل المخروط قوته في سهم المخروط، فإذا خرج من العينين مخروطان والتقى سهماهما عند المبصر واتحدا أدرك المدرك الشئ كما هو، وإن لم يلتق السهمان عند شئ واحد بل حصل الإدراك بطرف المخروط لا بوقوع السهم عليه رأى الرائي الشئ الواحد شيئين.
أما القائلون بالانطباع فإنهم قالوا: الصورة تنطبع أولا في الرطوبة الجليدية وليس الإدراك عندها وإلا لأدركنا الشئ الواحد شيئين، كما إذا لمسنا باليدين كان لمسين لكن الصورة التي في الجليدية تتأدى بواسطة الروح المصبوب في العصبتين المجوفتين إلى ملتقاهما على هيئة مخروط فيلتقي المخروطان هناك وعند الملتقى روح مدرك وحينئذ تتحد عند الروح من الصورتين صورة واحدة، وإن لم ينفذ المخروطان نفوذا على سبيل التقاطع انطبع من كل شبح ينفذ عن الجليدية خيال بانفراده وهو الحول.
المسألة الرابعة عشرة في أنواع القوى الباطنة المتعلقة بإدراك الجزئيات قال: ومن هذه القوى بنطاسيا الحاكمة بين المحسوسات.